المسألة الثالثة [تماثل الأجسام]
في تماثل الأجسام مع ورود الشرع بالتماثل والمختلف وغير ذلك.
الجواب وبالله تعالى التوفيق : أن غرض أهل الكلام في هذا المعنى غير غرض أهل اللغة ، وهم يريدون بالمماثلة ما يرجع إلى الصفة الذاتية في أن أحد الشيئين سد مسد الآخر فيما يرجع إلى صفته الذاتية من الشفاء للحمية وكونه محلا للحوادث إلى غير ذلك ، فإذا دل الدليل على حدوث أحدهما دل على حدوث الآخر لا محالة لأنه مثله وإلا فما دليلنا على حدوث السماء وما غاب عنا من الأجسام إن لم تكن متماثلة فيما يرجع إلى صفتها الذاتية.
فأما في اللغة : فالأجسام مختلفة ومتماثلة ومتضادة ، والشرع ينبني على اللغة لأن الشرع هو الكلام في خطاب الله سبحانه فلا يرجع فيه إلى صحيح اللغة ، فالمثل يكون في الصورة مطابقا أو مقاربا أو مقارنا ، كالبر بالبر ، والمقارب الضب والجفرة في جزاء الصيد ، والضبع والشاة وقد تماثل في الصورة ، وتطابق ولا تماثل في الحكم ، كسن الحر وسن العبد ، والرجل والمرأة ، فالشرع كما ترى خالف بين المتماثلات وماثل بين المختلفات ، وماثل بين المتماثلات ، فلا يقع الاعتراض به على دلالة العقل في العقليات ؛ لأن دلالة حدوث الأجسام هي الطريق إلى معرفة الله تعالى فكيف يعترض بالشرع عليها مع أنه يحتمل وهي لا تحتمل ، وفرضنا في الشرع التسليم ، وفرضنا فيها المصير إلى العلم والسلام.