وسألت : هل يجوز السلام على أهل دار الحرب باليد أم لا ، وبالكتاب ، أو ردّ في كتاب ، أو لفظ شفاه؟ وهل لفسح الإمام في ذلك تأثير؟
الجواب عن ذلك : أنّ ردّ السلام جائز باليد ، أو اللفظ ، أو الكتاب ، وردّ الجواب واجب ، ولا يفتقر ذلك إلى فسح الإمام إلا أن يكون قد حظره لمصلحة رآها.
والدليل على ذلك أن أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كانوا يختلطون بالكفار ويسلّمون عليهم ، وقد كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يكتب إلى الكفار يدعوهم إلى الله تعالى ، ويستفتح كتبه : «سلام الله عليكم ، فإنّا نحمد الله إليكم». وقال له أصحابه : يا رسول الله ، إنّا نجالس اليهود في كثير ، فيعطس أحدهم ، فنستحي منهم ، ولا ندري ما نقول لهم؟ فقال : «قولوا : يهديكم الله ويصلح بالكم» وهذا أبلغ من مصافحة اليد ؛ لأنه دعاء ، وقد قال لعتبة بن ربيعة : «يا أبا الوليد» ، وفي الكنية إنصاف ، ونحن نروي ذلك مسندا.
فأمّا لمن يدعو إلى الله سبحانه فلا كلام في ذلك ، وهو أبلغ من هذا كله ، وقد قال تعالى لموسى وهارون عليهماالسلام : (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى) [طه : ٤٤] ، ولا بدّ من تقديم السلام على القول اللين ؛ لأن ترك السلام من الجفوة عرفا وشرعا ، وقد كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يرد على اليهود سلامهم إذا سلّموا عليه ، حتى قالوا لعنهم الله تعالى : السّام عليك يا محمد. فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «وعليكم». فقالت عائشة من خلف الستر : بل عليكم يا إخوان القردة. وهم يريدون الموت ، فإن كان في موضع غلظة أو إقامة حدّ أو مصادفة فعلهم لمنكر لم يسلم عليهم شرعا.