ولهذا كان الكلام في هذه المسألة ؛ لأنه عندنا لا يكون حكمه حكم المسلمين إذا اختار السكنى في دار الكفار ، بل يكون حكمه حكمهم.
وأما ما ذكره [السيد] (١) أبو طالب عليهالسلام فهو مستقيم عندنا ؛ لأن أمير الجيش لا بدّ من وصاته بتقوى الله في نفسه خاصة وفي أصحابه خيرا ، ودعاء المشركين واجب إن لم تكن الدعوة قد بلغتهم وسنة إن كان (٢) قد بلغتهم ، وإن قبلوا الإسلام وجب الكفّ عنهم ، وكان حكمهم حكم الإسلام ، وعليهم الهجرة في تلك الحال إلى المدينة ؛ لأنه كان قبل الفتح فرضا ، ولهذا قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا هجرة بعد الفتح» نفي الوجوب وبقي الجواز ، فيكون حكمهم حكم التارك لفريضة ، وإن كان في دار الهجرة فهو لا يخرج من أحكام المسلمين الظاهرة بتركها ، بل يكون فاسقا [تجري عليه أحكامهم (٣) ولهم ما لهم] ، إذ لا قائل بخلافه وهذا حكم قائم مستقل في إفادته بالمراد منه ، وإن هم أبوا فأخبرهم أنهم كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله تعالى الذي يجري على المسلمين ، ولا يكون لهم في الغنيمة ولا في الفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين ، فسماهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مسلمين ، وأجرى عليهم أحكام المسلمين ، ومنع أن يكون لهم حظّ في الغنيمة والفيء ما لم يهاجروا ، ولم يحكم بكفرهم إذا لم يهاجروا.
والكلام في ذلك : أن أمور الإسلام مضبوطة إلى وفاة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وبعده إلى يومنا عند أهل العلم ، كل سنة بأحداثها وحالها ، وفتوحها وكسورها ،
__________________
(١) زيادة في (ب).
(٢) في (ب) : إن كانت.
(٣) كذا في (أ) ، وفي (ب) : تجري عليه أحكام المسلمين وليس منهم شرعا ، ومتى هاجر فالشرع يقضي بأن عليهم ما على المسلمين ولهم ما لهم.