ورجع المدينة فآذنهم بالحرب ، واستعمل على المدينة وسار إليهم حتى نزل بهم في شهر ربيع الأول ، فسألوه أن يخليهم ويكفّ عن دمائهم على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم إلا الحلقة فهي لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فحملوا ما أقلّت الإبل وساروا إلى خيبر ، يقدمهم أشرافهم: سلام بن أبي الحقيق ، وكنانة بن الربيع ، وحيي بن أخطب ، فكانت أموالا للنبيصلىاللهعليهوآلهوسلم يجعلها حيث شاء ، وهذا يؤيد ما قلنا ، فقسمها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على المهاجرين دون الأنصار إلا أن سهل بن حنيف ، وأبا دجانة سماك بن خرشة ذكرا فقرا فأعطاهما رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم سهامهما ، وقد ذكر الله تعالى الجلاء (بغير إيجاف من خيل) (١) ولا ركاب ، فلعل المراد بذلك بعض حصونهم المتأخرة عن موضع الإباحة لئلا تتناقض الأحكام ولا سيما في القرآن ، فالذي أباح عليه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالمسلمين هو فيء وغنيمة للمسلمين ، وما أجلا عنه القوم فلرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم خاصة وكل ذلك في بني النضير ، وقد تضمنته سورة الحشر ، فحكم الجلاء يرجع الأموال إلى الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم يفعل فيها ما شاء كما كان في فدك والعوالي ، وحكم ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى ما ذكره من القسمة بين المهاجرين الأولين دون الأنصار ، على أن أيديهم كانت على القوم واحدة ، وظاهر الحكم يقضي بالمساواة ، وهو قول الأمة أنه لا يعطي الفقير لأجل فقره ، ويمنع الغني لأجل غناه ، بل يستوي الغني والفقير متى أراد ولي الأمر القسمة ، وقد يجوز أن يعطي ولي الأمر الغني ويدع الفقير كما فعل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم المؤلفة تألفهم بالغنيمة ، فلو لا أن المال له لم يجز ذلك إلا بالرضى ، وقد ظهرت الكراهة في ذلك من الأكثر كما كان من استطابة
__________________
(١) في (ب) : من غير إيجاف بخيل.