وإما أن لا يكون ولا واحدا منهما عالما بالثانى ، وإما أن يكون أحدهما عالما بالثانى من غير عكس.
وكل واحد من هذه اللوازم ممتنع ؛ فالملزوم ممتنع
أما الأول : فلأنه يلزم من كون كل واحد منهما عالما بالآخر أن يكون كل واحد منهما قائما بالآخر ؛ لأن العالم من قام به العلم ؛ وذلك محال.
وأما الثانى : فلأنه لو جاز قيام العلم بشيء ، ولا يكون عالما به ؛ لجاز ذلك فى كل من قام به العلم ؛ وهو محال /
وأما الثالث : فلعدم الأولوية كما سبق.
ولقائل أن يقول على الوجه الأول : لا نسلم أنه يلزم من قبول العلم للعلم قبوله للجهل ؛ ولا نسلم أن سبيل قيام أحدهما به كسبيل قيام الآخر به ؛ وليس ذلك ضروريا ، والنظرى لا بدّ له من دليل.
وإن سلمنا ذلك ؛ ولكن لا نسلم أن كل ما يقبل العلم والجهل ، لا يخلو من أحدهما وتقريره ما سبق فى امتناع تعرّي الجواهر عن الأعراض (١).
وإن سلمنا ذلك ولكن إذا كان القابل جوهرا ، أو عرضا : الأول : مسلم ، والثانى :
ممنوع ، ولا بد للتمثيل من دليل ، ولا دليل.
وأما الوجهان الأخيران : فهما فى غاية الجودة ، والوضوح ؛ ولكن غاية ما يلزم من ذلك ، امتناع قيام العلم بالعلم ، ولا يلزم من ذلك امتناع قيام العرض بالعرض مطلقا ، ولعل القائل بذلك إنما يجوزه فى بعض الأعراض دون البعض ، وهى ما كان من الأعراض المختلفة التى ليست متضادة.
المسلك الثانى : ويخص امتناع قيام الأكوان بالاعراض. وهو أنهم قالوا : الكون (٢) غير خارج عن الحركة والسكون ، والاجتماع والافتراق ، وكل ذلك غير متصور فى غير المتحيز.
__________________
(١) راجع ما مر فى المصدر السابق ل ٨ / ب وما بعدها.
(٢) الكون : عبارة عن خروج شيء ما من العدم إلى الوجود دفعة واحدة لا يسيرا يسيرا (المبين ص ١٠٠ ، ١٠١).
والأكوان يمتنع قيامها بالأعراض.