الثالث : أنه لو ساغ هذا التأويل ؛ لساغ مثله في قوله ـ تعالى ـ (أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً) (١) ـ وفي قوله ـ تعالى ـ (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ) (٢). لتساوى الدلالة ؛ وهو ممتنع بالإجماع.
وقوله ـ تعالى ـ (جَهْرَةً). لا يزيد على كون النظر موصولا بإلى.
قولهم : إنه (٣) إنما سأل (٣) أن يريه علما من أعلام الساعة.
قلنا : لا يستقيم ذلك لوجوه ثلاثة :
الأول : أنه على خلاف الظاهر كما سبق من غير دليل.
الثانى : أنه أجاب بقوله (لَنْ تَرانِي) وقوله (لَنْ تَرانِي) (٤) إن كان محمولا على نفى ما وقع السؤال عنه من رؤية بعض الآيات ؛ فهو خلف ؛ فإنه قد أراه أعظم الآيات ، وهو تدكدك الجبل.
وإن كان قوله (لَنْ تَرانِي) محمولا على نفى الرؤية ؛ فلا يكون الجواب مطابقا للسؤال.
الثالث : أنه قال ـ تعالى ـ (فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي) فإن كان ذلك محمولا على رؤية آياته ؛ فهو محال ؛ فإن الآية ليست في استقرار الجبل ؛ بل في تدكدكه.
وإن كان محمولا على الرؤية ؛ فلا يكون مرتبطا بالسؤال.
وهذه المحالات إنما لزمت من حمل الآية ، على رؤية الآية ؛ فيكون ممتنعا.
قولهم : إنما سأل الرؤية لقصد مثل هذا الجواب لدفع قومه. عنه أجوبة ثلاثة :
الأول : أن ما ذكروه على خلاف الظاهر المفهوم من سؤاله الرؤية لنفسه من غير دليل.
الثانى : أنه لو علم أن الرؤية غير جائزة ، لما سألها / من الله تعالى. وأضافها إلى نفسه لقصد دفع قومه ؛ بل كان يجب أن يبادر إلى ردعهم ، وزجرهم عن طلب ما لا يليق
__________________
(١) سورة النساء ٤ / ١٥٣.
(٢) سورة الأنعام ٦ / ١٠٣.
(٣) فى ب (إنما سأله).
(٤) فى ب (وان).