من الكوى ، وأن الناظر إذا وقف بين مرآتين متقابلتين ؛ فإنه يرى ظهره في المرآة التى في قبالة ناظره ، وليس ذلك إلا / بسبب تردد الأشعة بين المرآتين.
وكذلك يرى وجهه مستطيلا ، أو معرضا (١) عند نظره في السيف طولا ، وعرضا ؛ وذلك بسبب ما ينعكس عند ذلك الشكل من الشعاع ، ولتعدد الشعاع ، واجتماعه بسبب البعد ، والقرب ، ومخالطة الأبخرة (٢) له ، يرى الشيء على البعد صغيرا ، أو على القرب كبيرا على ما سلف ؛ وهو أيضا محال في حق الله تعالى.
الخامس : أنه لا مانع من كونه مشروطا باستحالة الهواء المشف المتوسط بين الناظر ، والمنظور آلة إدراكه ، كما هو مذهب جالينوس (٣) ؛ وذلك كله غير متصور في حق الله تعالى.
سلمنا دلالة ما ذكرتموه على كون الرب ـ تعالى ـ مدركا بإدراك ؛ ولكنه ينتقض بباقى الإدراكات ، وغيرها من الكمالات المفروضة في الشاهد.
سلمنا أنه مدرك بإدراك ؛ ولكن لا نسلم خروج الإدراك عن جنس العلوم (٤) ، وبيانه من وجهين :
الأول : أنه لا يتصور أن يدرك المدرك شيئا ولا يعلمه ؛ وذلك دليل على (٥) الاتحاد.
الثانى : هو أن أحكام العلوم ثابتة للإدراكات بدليل أن العلم لا يؤثر في متعلقه لا شاهدا ، ولا غائبا. وكذلك الإدراك ؛ فدل على الاتحاد.
__________________
(١) فى ب (عريضا).
(٢) بياض في ب.
(٣) جالينوس :
الفيلسوف الطبيب كانت له شهرة طبية في العالم الإسلامى : إذ أنه نقل إلى الإسلاميين خلال كتاباته ـ المذاهب اليونانية التى تعارض المذهب المشائى الأرسطى. ولد سنة ١٣٠ م. وكانت له مجالس علمية في مدينة روما ، وله مؤلفات كثيرة في الطب والحكمة.
انظر عنه (طبقات الأطباء ص ٤١ ـ ٥١ وتاريخ الحكماء ص ١٢٣ ـ ١٣٢ ، ونشأة الفكر الفلسفى ١ / ٢٠٥ ، ٢٠٦).
(٤) فى ب (العلم).
(٥) ساقط من ب.