الخرس المضاد
للكلام بهذا المعنى : هو جفاف اللسان ، واختلاف مخارج حروفه بحيث لا يتمكن معه من
التعبير ؛ فإنه لا مانع من الجمع بين ذلك ، وبين خطور الحديث في النفس ؛ فيكون
الكلام في النفس ، فإن وجد الخرس في اللسان ؛ فالخرس في اللسان مضاد للكلام
اللسانى دون النفسانى ، وكذلك كل ما ينافيه ؛ فهو ضد له : كالسكون ، وغيره.
قولهم : إن الكلام صفة فعلية ؛ لأن المتكلم من فعل الكلام لا من
قام به الكلام ؛ فسيأتى إبطاله عن قرب .
ثم وإن سلمنا أن
الكلام صفة / فعلية ؛ فلا نسلم أنه ضد له .
قولهم : إما أن يكون ذلك الضد فعلا ، أو لا يكون؟
قلنا : ما المانع
أن يكون [فعلا ].
قولهم
: فى الوجه الأول :
فيلزم من ذلك أن يكون الفعل ضدا لنفسه ، إنما يلزم أن لو كان التضاد بينهما
باعتبار ما به الاشتراك ، وليس كذلك ؛ بل جاز أن يكون التضاد بينهما مع اشتراكهما
في صفة الفعلية باعتبار ما به التعين ، والتمايز.
وعلى هذا فلا يخفى
الجواب عن الوجه الثانى أيضا.
قولهم : لا نسلم أن الخرس ضد للكلام ، دليله ما سبق.
قولهم : إنه لو كان ضدا للكلام ؛ لكان مدركا بما به إدراك
الكلام.
قلنا : هذه دعوى عريّة عن البرهان ، وهى غير مسلمة. ولا يلزم من
إدراك بعض الأضداد بما به إدراك ضده طرد ذلك في جميع الأضداد.
ثم يلزمهم على ذلك
فناء الجواهر ، فإنه مضاد لها ، وهى مدركة بحاسة البصر ، واللمس ، بخلاف الفناء.
__________________