إذا كان العلم صفة إضافية : فهى إما وجودية ، أو عدمية ، أو لا وجودية ولا عدمية.
لا جائز أن يقال بالثانى والثالث ؛ لما تقدم (١) ؛ فلم يبق إلا أن تكون وجودية.
وعند / ذلك : فإما أن تكون قديمة ، أو حادثة.
لا جائز أن تكون قديمة : وإلا لما تبدلت وتغيرت ؛ لأن العدم على الموجود القديم محال. ولا يخفى جواز تبدل النسب والإضافات بسبب اختلاف المعلوم في نفسه ؛ فإن النسبة المتعلقة بالمعدوم من حيث هو معدوم ، لا تبقى بعد الوجود ، وكذلك بالعكس ، وإلا كان العلم جهلا ؛ وهو محال.
ولا جائز أن تكون حادثة لوجهين :
الأول : أنه يلزم منه أن يكون الرب تعالى محلا للحوادث ؛ وهو محال على ما سيأتى (٢).
الثانى : أن الكلام في حدوث تلك الصفة ، وافتقارها إلى علم آخر ، كالكلام في الأول ؛ ويلزم منه التسلسل الممتنع.
الوجه الثانى ـ فى الجواب عن أصل السؤال : أنه منتقض بكون الواحد منا عالما ؛ فإنه متحقق مع لزوم ما ذكروه من المحالات ، وبه يندفع ما ذكروه في الوجه الثانى من لزوم التسلسل.
قولهم : سلمنا أنه عالم ؛ ولكن لا نسلم أنه عالم بعلم.
قلنا : إذا سلم أن المفهوم من كونه عالما : صفة وجودية زائدة على الذات ؛ فهو المعنى بقيام العلم بذاته.
وبهذا يندفع قولهم : إن كونه عالما واجب ؛ فلا يكون معللا بالعلم. كيف وأن اتصافه بالعلم : إن قيل : إنه واجب بمعنى أنه لا انفكاك له عن ذاته ـ تعالى ـ ؛ فهو مسلم ؛ ولكن ذلك لا ينافى قيام العلم [بذاته (٣)].
__________________
(١) انظر ل ٧٦ / أ.
(٢) انظر ل ١٤٥ / ب وما بعدها.
(٣) فى أ (بذلك).