والموجب بذاته لا بدّ وأن يكون بينه وبين ما أوجبه مناسبة طبيعية : باعتبارها يتحقق جعل الموجب علة والموجب معلولا ، وإلا فليس جعل أحدهما علة للآخر ، أولى من العكس ؛ بل وليس جعله علة لما (١) فرض معلولا ؛ أولى من غيره (٢).
وعند ذلك فمن الجائز : أن تكون ذاته مناسبة لبعض الجائزات ، دون البعض.
وعلى هذا التقدير ؛ فلا يستدعى مخصصا [زائدا] (٣).
سلمنا أن الكل جائز بالنسبة إلى ذاته ، وأن تخصيص كل واحد بالنسبة إلى ذاته جائزة ؛ ولكن لا نسلم أنه يلزم من ذلك الافتقار إلى مخصص زائد على الذات.
والّذي يدل على ذلك : أن الأمر الزائد : إما أن يكون قديما ، أو حادثا.
فإن كان قديما : فإما أن يكون مخصصا باعتبار ذاته ، أو بصفة زائدة.
فإن كان الأول : فقد وقعتم فيما فررتم منه.
وإن كان الثانى : فالكلام فيه كالكلام في الأول ؛ وهو تسلسل ممتنع.
وإن (٤) كان حادثا : افتقر إلى مخصص آخر ، والكلام في ذلك المخصص : كالكلام في الأول ؛ وهو تسلسل ممتنع (٤).
سلمنا أنه لا بدّ من مخصص خارج عن ذاته ـ تعالى ـ ولكن ما المانع من كونه عدميا؟
وإن امتنع كونه عدميا : فما المانع من كونه ليس بموجود ، ولا معدوم؟ كما قاله النجار من المعتزلة : إن المخصص كونه مريدا لذاته في الأزل ، للجائزات فيما لا يزال من غير احتياج إلى صفة الإرادة ، وكونه مريدا حالة لا موجودة ، ولا معدومة.
سلمنا أنه لا بدّ وأن يكون وجوديا ؛ ولكن لم قلتم إنه لا بدّ وأن يكون قائما بذات الله ـ تعالى ـ؟
__________________
(١) فى ب (لغير ما).
(٢) فى ب (المعلول).
(٣) ساقط من أ.
(٤) من أول (وإن كان حادثا ...) ساقط من ب.