وإذا كان ضروريا : فلا يمكن أن يكون (١) هو مجموع العلوم الضّرورية (١) ؛ فإن العلم بالمحسوسات من جملتها ، وقد يتّصف بالعقل (٢) من لم يكن مدركا لشيء منها (٢).
فإذن هو بعض العلوم الضّرورية : وهى كل علم ضرورى يمتنع خلوّ الموصوف بالعقل منها (٣) ، ولا يشاركه فيها من ليس بعاقل : كالعلم بأن النفي والإثبات لا يجتمعان ، وأن الموجود لا يخرج عن كونه قديما ، أو حادثا ، ونحوه.
وعلى هذا ما أمكن الاتصاف بالعقل دونه ، ولو في حالة ما ؛ فلا مدخل له في مسمى العقل : كالعلوم العادية ، ونحوها ؛ لجواز تغيرها (٤).
وقد يتجه على هذه الحجّة تشكيكات :
الأول : ما المانع من أن يكون مسمى العقل عدما.
قوله : لأنّ النفي المحض لا اختصاص له بذات دون ذات. إنما يصحّ في النّفي المطلق ، وما المانع من كونه عدما مضافا؟ لكن يمكن أن يستدل على كونه وجوديا بحجة أخرى. وهى أنه لو كان العقل عدما ، فسلبه يكون ثبوتيا ؛ لأنّ سلب السّلب إثبات. ولو كان كذلك ؛ لما صحّ سلب العقل عن الأعدام المحضة ؛ لما فيه من اتّصاف العدم بالثبوت ؛ وهو محال.
الثانى : وإن سلم كونه وجوديا ، فما المانع من قدمه ، كما ذهب إليه الحشوية؟ قوله : لأنه لا قديم إلا الله ـ تعالى ـ وصفاته ، ولا وجود لشيء من ذلك في شيء من الحوادث ؛ مسلم ؛ ولكن لم قال : إنه (٥) لا يكون عاقلا به؟
قوله : لأن كون العاقل عاقلا ؛ حكم للذّات ، وحكم الذّات ، لا يكون ثابتا (٦) لها من غير ما قام بها ؛ يلزم عليه العلم ؛ فإنه لا يوجب (٧) حكما لما تعلق به ، وهو كونه معلوما ، وإن لم يكن ذلك العلم قائما به ؛ بل بالعالم كما في / الجمادات (٨).
__________________
(١) في ب (مجموع العلوم ضرورية)
(٢) في ب (من لم يدرك شيئا منها).
(٣) ساقط من ب.
(٤) زائد في ب (قال شيخنا أبو الحسن الآمدي).
(٥) ساقط من ب.
(٦) ساقط من ب.
(٧) في ب (يوجب).
(٨) في ب (الكمالات).