وأما الجهل المركّب : فذهب كثير من المعتزلة ـ إلى كونه مثلا للعلم ؛ فإن من اعتقد كون زيد في الدّار مثلا ، ولم يكن زيد فيها ، وبقى على ذلك الاعتقاد حتى وجد زيد في الدّار ؛ فإن اعتقاده الأول الموصوف (١) بكونه جهلا (١). من جنس اعتقاده الثانى مع كونه علما. وما به الافتراق من كون زيد في الدّار في إحدى الحالتين ، وعدمه في الأخرى ؛ فأمر خارج غير موجب للاختلاف بين الاعتقادين ، وقد أجمعوا على أنّ اعتقاد المقلّد للشىء على وفق ما هو عليه مثل للعلم (٢).
وذهب أصحابنا : إلى امتناع المماثلة بين العلم والجهل بهذا الاعتبار ، محتجّين على ذلك بأن الجهل لو كان مماثلا للعلم ؛ (٣) لجاز على كل واحد منهما ما جاز على الآخر (٣). ومن صفات العلم جواز حصوله بالنظر الصّحيح ، وذلك غير متصوّر في الجهل بالاتفاق / ؛ فلا يكون مثلا للعلم ؛ فإن (٤) من حكم المثلين : أنّ ما جاز على أحدهما يكون جائزا على الآخر. وعلى هذا فقد بطل أن يكون اعتقاد كون زيد في الدّار ـ وهو فيها ـ [مماثلا (٥)] لاعتقاد كونه فيها قبل ذلك.
وأما الشّك :
فقد اختلف في كونه معنى ، وفي كونه مفردا.
فقال أبو هاشم : فى قول : إنه عبارة عن عدم العلم.
وهو باطل بانتفاء العلم عن الجمادات ؛ فإنه ليس بشك. وإن أضيف إليه عدم العلم فيما من شأنه أن يكون (٦) له (٦) العلم ؛ فيبطل بالظّان إثبات أمر ، أو نفيه ، فإنه غير عالم بالنفى ولا بالإثبات ؛ وليس شاكا. وينتقض أيضا بالنائم والغافل ؛ فإنه غير عالم مع كونه قابلا للعلم ؛ وليس شاكا.
وقال في قول آخر : إن الشكّ عبارة عن اعتقادين متعاقبين لا يتصور الجمع بينهما؛
__________________
(١) فى ب (بالجهل).
(٢) فى ب (العلم).
(٣) فى ب (فالمثلان ما اشتركا في أخص صفات النفس ، ويلزم من ذلك الاشتراك في أعم الصفات).
(٤) فى ب (لأن).
(٥) فى أ (مثلا).
(٦) فى ب (يقوم به).