سبيل الاستحالة. ولا لأنّ الأجزاء الهوائية خالطت الأجزاء المائية ، لأنّه بعد الابيضاض يجفّ وقبله لا يجفّ ، وذلك يدل على غلبة الأرضية بعد الابيضاض على ما قبله.
الثالث : الجسم إذا أخذ في الانتقال من البياض إلى السواد سلك أحد الطرق الثلاثة:
أ : الطريق الساذج ، وهو أن يأخذ إلى الغبرة ، ثم إلى العودية ، ثم إلى السواد. وكأنّه في أوّل الأمر يأخذ من سواد ضعيف ، ولا يزال يشتدّ حتى ينتهي إلى الغاية.
ب : أن يأخذ إلى الحمرة ، ثمّ إلى القتمة ، ثمّ إلى السواد.
ج : أن يأخذ إلى الخضرة ، ثمّ إلى النيليّة ، ثمّ إلى السواد.
وإنّما تختلف هذه الطرق لاختلاف ما تتركب عنه الألوان ، فإن لم يكن إلّا بياض وسواد ، وليس للبياض حقيقة إلّا مخالطة الضوء للأجزاء الشفافة ، لم يكن في تركيب السواد والبياض إلّا الأخذ في طريق واحد ، وهو ازدياد الأجزاء غير المشفة ، و (١) لا يقع الاختلاف فيه إلّا بحسب التنقّص والاشتداد ، ولم تكن الطرق مختلفة.
الرابع : إذا انعكس الضوء من جسم أسود إلى جسم لم يسودّ المنعكس إليه ، فلو كان اختلاف الألوان بسبب اختلاط الشفاف بالمظلم ، والانعكاس إنّما يحصل من الشفاف لا غير ـ لا من الأسود ـ وجب أن لا ينعكس من الأحمر والأخضر إلّا عن الأجزاء الشفافة التي فيهما ، وهي الأجزاء البيض لا غير ، فكان يجب أن لا ينعكس إلّا البياض ، ولا ينعكس من الأجزاء السود ـ التي في ضمن الأحمر والأخضر ـ شيء ، فكان يجب أن لا يصير المنعكس إليه أحمر أو أخضر. وهذه الوجوه كلّها لا تفيد اليقين.
__________________
(١) في المصدر : «و» ساقطة.