فإن قيل : لا ، فهو محال ؛ وإن قيل : نعم ، فهما متساويان ؛ أعني الحركة والسكون في مناسبة الإرادة القديمة فما الذي أوجب تخصيص الإرادة القديمة بالحركة دون السكون فيحتاج إلى مخصص ثم يلزم السؤال في مخصص المخصص ويتسلسل الى غير نهاية ..
قلنا : هذا سؤال غير معقول حير عقول الفرق ولم يوفق للحق إلا أهل السنة فالناس فيه أربع فرق :
قائل يقول إن العالم وجد لذات الله سبحانه وتعالى وإنه ليس للذات صفة زائدة البتة ، ولما كان الذات قديمة كان العالم قديما وكانت نسبة العالم إليه كنسبة المعلول الى العلة ، ونسبة النور الى الشمس ، والظل إلى الشخص ؛ وهؤلاء هم الفلاسفة.
وقائل يقول إن العالم حادث ولكن حدث في الوقت الذي حدث فيه لا قبله ولا بعده لإرادة حادثة حدثت له لا في محل فاقتضت حدوث العالم ، وهؤلاء هم المعتزلة.
وقائل يقول حدث بإرادة حادثة حدثت في ذاته ، وهؤلاء هم القائلون بكونه محلا للحوادث. وقائل يقول حدث العالم في الوقت الذي تعلقت الإرادة القديمة بحدوثه في ذلك الوقت ، من غير حدوث إرادة ومن غير تغير صفة القديم ، فانظر إلى الفرق وانسب مقام كل واحد الى الآخر. فإنه لا ينفك فريق عن إشكال لا يمكن حله إلا إشكال أهل السنة فإنه سريع الانحلال.
أما الفلاسفة فقد قالوا بقدم العالم ، وهو محال ؛ لأن الفعل يستحيل أن يكون قديما ؛ إذ معنى كونه فعلا أنه لم يكن ثم كان ، فإن كان موجودا مع الله أبدا فكيف يكون فعلا؟ بل يلزم من ذلك دورات لا نهاية لها على ما سبق ، وهو محال من وجوه ، ثم إنهم مع اقتحام هذا الإشكال لم يتخلصوا من أصل السؤال وهو أن الإرادة لم تعلقت بالحدوث