حقق في القطب الأول ، وفي صفاته وأحكامها كما حقق في القطب الثاني. وفي أفعاله بأن يعتقد فيها الجواز دون الوجوب كما في القطب الثالث ، وفي رسول الله صلىاللهعليهوسلم بأن يعرف صدقه ويصدقه في كل ما جاء به كما ذكرناه في القطب الرابع ، وما خرج عن هذا فغير مهم. ونحن نورد من كل فن مما أهملناه مسألة ليعرف بها نظائرها ويحقق خروجها عن المهمات المقصودات في المعتقدات.
أما المسألة الأولى العقلية : فكاختلاف الناس في أن من قتل هل يقال إنه مات بأجله؟ ولو قدر عدم قتله هل كان يجب موته أم لا؟ وهذا فن من العلم لا يضر تركه ، ولكنا نشير إلى طريق الكشف فيه ، فنقول : كل شيئين لا ارتباط لأحدهما بالآخر ، ثم اقترنا في الوجود ، فليس يلزم من تقدير نفي أحدهما انتفاء الآخر ، فلو مات زيد وعمرو معا ثم قدرنا عدم موت زيد لم يلزم منه لا عدم موت عمرو ولا وجود موته ، وكذلك إذا مات زيد عند كسوف القمر مثلا ، فلو قدرنا عدم الموت لم يلزم عدم الكسوف بالضرورة ، ولو قدرنا عدم الكسوف لم يلزم عدم الموت إذ لا ارتباط لأحدهما بالآخر ، فأما الشيئان اللذان بينهما علاقة وارتباط فهما ثلاثة أقسام :
أحدها : أن تكون العلاقة متكافئة كالعلاقة بين اليمين والشمال والفوق والتحت ، فهذا مما يلزم فقد أحدهما عند تقدير فقد الآخر لأنهما من المتضايفان التي لا يتقوم حقيقة أحدهما إلا مع الآخر.
الثاني : أن لا يكون على التكافؤ ، لكن لأحدهما رتبة التقدم كالشرط مع المشروط ، ومعلوم أنه يلزم عدم الشرط ، فإذا رأينا علم الشخص مع حياته وإرادته مع علمه فيلزم لا محالة من تقدير. انتفاء الحياة انتفاء العلم ، ومن تقدير انتفاء العلم انتفاء الإرادة ، ويعبر عن هذا بالشرط وهو الذي لا بد منه لوجود الشيء ولكن ليس وجود الشيء به بل عنه ومعه.
الثالث : العلاقة التي بين العلة والمعلول ، ويلزم من تقدير عدم العلة