له فيه ويستقبح ما له فيه فائدة ، أما الاستحسان فمن رأى إنسانا أو حيوانا مشرفا على الهلاك استحسن إنقاذه ولو بشربة ماء مع أنه ربما لا يعتقد الشرع ولا يتوقع منه غرضا في الدنيا ولا هو بمرأى من الناس حتى ينتظر عليه ثناء بل يمكن أن يقدر انتفاء كل غرض ومع ذلك يرجح جهة الانقاذ على جهة الاهمال بتحسين هذا وتقبيح ذلك ، وأما الذي يستقبح مع الأغراض ، كالذي يحمل على كلمة الكفر بالسيف والشرع قد رخص له في اطلاقها ، فانه قد يستحسن منه الصبر على السيف وترك النطق به ، أو الذي لا يعتقد الشرع وحمل بالسيف على نقض عهد ، ولا ضرر عليه في نقضه وفي الوفاء به هلاكه ، فانه يستحسن الوفاء بالعهد والامتناع من النقض ، فبان أن الحسن والقبح معنى سوى ما ذكرتموه. والجواب أن في الوقوف على الغلطات المذكورة ما يشفي هذا الغليل ، أما ترجيح الانقاذ على الاهمال في حق من لا يعتقد الشرع فهو دفع للأذى الذي يلحق الانسان في رقة الجنسية ، وهو طبع يستحيل الانفكاك عنه. ولأن الانسان يقدر نفسه في تلك البلية ويقدر غيره قادرا على انقاذه مع الإعراض عنه ، ويجد من نفسه استقباح ذلك فيعود عليه ويقدر ذلك من المشرف على الهلاك في حق نفسه فينفره طبعه عما يعتقده من أن المشرف على الهلاك في حقه ، فيندفع ذلك عن نفسه بالانقاذ. فان فرض ذلك في بهيمة لا يتوهم استقباحها أو فرض في شخص لا رقة فيه ولا رحمة فهذا مجال تصوره ، اذ الانسان لا ينفك عنه فان فرض على الاستحالة فيبقى أمر آخر وهو الثناء بحسن الخلق والشفقة على الخلق. فإن فرض حيث لا يعلمه أحد فهو ممكن أن يعلمه ، فإن فرض في موضع يستحيل أن يعلم فيبقى أيضا ترجيح في نفسه وميل يضاهي نفرة طبع السليم عن الخبل ، وذلك أنه رأى الثناء مقرونا بمثل هذا الفعل على الاطراد. وهو يميل إلى الثناء فيميل إلى المقرون به. وإن علم بعقله عدم الثناء ، كما انه لما رأى الأذى مقرونا بصورة الحبل ، وطبعه ينفر عن الأذى فينفر عن المقرون به ، وان علم بعقله عدم الأذى بل الطبع إذا رأى من بعشقه في