أين أنتم يا من خنع لكم الورى من عدل رجل يقول : «والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلت»! ..
.. أين أنتم من عظيم لا يضاهى .. من سيّد خلق لا تغرّه بيضاء ولا صفراء .. وأين أنتم من عابد قام في محرابه بحياء وخجل وهو فيه عن هذه الدنيا ارتحل! ..
قليلون منكم وعوا أنّ «الاحتكار جريمة» وأن «ما جاع فقير إلّا بما متّع به غنيّ» .. وأنّ «الذنب الذي لا يغفر هو ظلم العباد لبعضهم البعض» .. وأن «من ساء خلقه عذّب نفسه» ومن «استوى يوماه فهو مغبون» ..
أوليس لزاما علينا أن ندرك أنّ لابن أبي طالب أمير المؤمنين عليهالسلام مكانة بين الأفذاذ أصحاب الدساتير وأنّه من المعيب المخزي أن يقاس به أحد من بني البشر؟!! ..
أليس من الغبن أن يدور الحديث في أكثر المؤلفات الموضوعة عن مولى الثقلين عليهالسلام حول موضوعات تكاد تنحصر في واحد يدور فيه كلّ بحث وجدال؟ وهو إن جاوزه فللكلام على الضرب بالسيوف حتى تتقوّس والطعن بالرماح حتى تتقصّف ، ثم عن مقاتليه تنحط عليهم الطير من السماء وتمزّقهم سباع الأرض!! ..
إنّ لهذه الأمور موضوعا في تاريخ الإمام علي عليهالسلام دون ريب ، لأنّ أخبارها انحسرت عن ألف قضية وقضية في التاريخ البعيد ، ولكن جوانب العظمة الحقيقية في الإمام علي بن أبي طالب روحي فداه أكثر من ذلك وهي إن درست فلكي تتوضح بعض الخفايا التاريخية في حياة الرجل وحياة معاصريه.
إن علينا أن ننطلق من النطاق العربي الذي ترعرع فيه مولى الثقلين علي