المفهوم الاصطلاحي الحقيقي لكان سمّي أبو بكر إماما وأميرا للمؤمنين نظرا لتداخل معاني هذه الكلمات في الاعتبار الشرعي والاصطلاحي ، فكلمة إمام وأمير المؤمنين لم تكن متداولة اصطلاحا إلا في شخص الإمام علي عليهالسلام سواء في زمن الرسول أو بعده كما يشهد له نصوص صدرت من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في حق الإمام عليهالسلام.
ولا مصطلح «راشدون» ينطبق عليهم أيضا فهم بعيدون عنه بعد المشرقين وبعد الأرض عن السماء ، ولأنه كما عرفت أن الراشد هو الملهم للخير والصواب ، وهل في سيرة هؤلاء شيء من الصواب سوى الوقوف في وجه الكتاب والعترة؟ ويشهد على ذلك تاريخهم الأسود المليء بالمتناقضات والمفارقات. ولو أردنا أن نجمع القرائن النبوية الدالة إلى معنى «خليفة» لوجدنا أن القوم مخطئون في تسمية هؤلاء بالخلفاء الراشدين.
فمن القرائن على أنّ الخلفاء الراشدين هم أئمة الهدى ما روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال :
«اللهم ارحم خلفائي ، اللهم ارحم خلفائي ...» ، قيل : يا رسول الله ومن خلفاؤك؟ قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الذين يأتون من بعدي يروون حديثي وسنتي» (١).
فهنا حدّد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم الصفات التي لا بدّ أن يتحلّى بها خلفاؤه في الخلافة ، والسمات التي يعتبر وجودها في شخصية الخليفة فقال : «يأتون من بعدي يروون حديثي وسنّتي» ، ورواية الحديث والسنّة هي بمعنى القدرة على نشر سنّته صلىاللهعليهوآلهوسلم وسيرته بين الأمة نشرا يتجلّى فيه مثاله الكامل من أقواله وأفعاله أجمع ؛ ويستفاد من ذلك أنّ هؤلاء الخلفاء سنّتهم واحدة وإلى هدف واحد وهي نشر حديث وسنّة النبيّ لا أحاديث الشّيخين وسيرتهما وعثمان التي كانت في مقابل سنّة وحديث النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أضف إلى ذلك أنهم منعوا تدوين الحديث عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم.
__________________
(١) وسائل الشيعة ج ١٨ / ٦٥ ، ط / ثم ؛ والفقيه للصدوق ج ٤ / ٣٠٢ ؛ وعيون الأخبار ج ٢ / ٢٣ ؛ ومعاني الأخبار ص ٣٥٦ ، ط / الأعلمي.