والجواب :
١ ـ إنّ الركوع وإن كان في اللغة بمعنى مطلق الخشوع والخضوع لكنّه صار في الشرع اسما لركوع الصلاة ، كما أنّ الصلاة كان معناها في اللغة مطلق الدعاء ولكنها صارت في عرف المتشرعة والشرع حقيقة للصلاة ذات الأركان المخصوصة ، فقوله تعالى : (وَهُمْ راكِعُونَ) لا يصح أن يراد به «وهم خاضعون» لأن الحقيقة الشرعية والعرفية مقدمة على الحقيقة اللغوية ، ولم يستعمل في القرآن إلّا في ذلك المعنى كقوله تعالى (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ) (١) وقوله تعالى (يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ) (٢) وغيرهما من الآيات الكثيرة في القرآن المشتملة على لفظ الركوع الذي هو ركوع الصلاة لا الخشوع والتواضع ، بل لا يصار إلى المعنى الثاني ـ أعني الخشوع ـ إلا بقرينة تعيّن ذلك ، فيطلق عليه اسم الركوع تشبيها ومجازا ، لأن فيه ضربا من الانخفاض ، ويدل على ما قلنا نص أهل اللغة عليه ، قال ابن منظور :
ركع ركعا وركوعا : طأطأ رأسه وكل قومة يتلوها الركوع والسجدتان من الصلوات فهي ركعة ، قال الشاعر :
وأفلت حاجب فوت العوالي |
|
على شقّاء تركع في الظّراب |
فالراكع : المنحني ، وكلّ شيء ينكب لوجهه فتمسّ ركبته الأرض أو لا تمسها بعد أن يخفض رأسه فهو راكع. وركع الشيخ : انحنى من الكبر (٣).
مضافا إلى دلالة الروايات المتكاثرة من طرق العامة والخاصة على أن الآية نزلت في أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام لمّا تصدّق بخاتمه وهو في ركوع الصلاة.
٢ ـ إنّ تفسير الزكاة بالخضوع والخشوع إخراج لها عن معناها اللغوي الذي
__________________
(١) سورة المرسلات : ٤٨.
(٢) سورة آل عمران : ٤٣.
(٣) لسان العرب ج ٨ / ١٣٣.