العاص على أبي بكر وعمر وجماعة من المهاجرين والأنصار ، وكان يؤمّهم طول زمان إمارته في الصلاة ، ولم يدل ذلك على فضله عليهم بحسب ما يذهبون إليه من تقديمهما على عمرو بن العاص.
ويروى أن سالم مولى أبي حذيفة كان يؤم المهاجرين قبل مقدم النبي إلى المدينة (١).
٤ ـ إن إمامة أبي بكر للصلاة ليست فضيلة له ، ولا توجب أن يكون إماما على هذه الأمة ، وذلك لما يروون من أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال لأمته : «صلوا خلف كل بر وفاجر» (٢). فأباح لهم النبيّ بحسب مضمون هذا الحديث الصلاة خلف الفجّار والفساق ، وإذا كان الأمر على ما ذكرناه بطل ما اعتمدوه من فضل أبي بكر في الصلاة.
هذا مضافا إلى تجويزهم الصلاة خلف كل مفتون ومبتدع ، فقد روى البخاري عن أبي التّياح أنه سمع أنس بن مالك يقول : قال النبيّ لأبي ذر :
اسمع وأطع ولو لحبشي كأنّ رأسه زبيبة (٣).
بل إنّ عزل أبي بكر عن الصلاة بعد تقدمته ـ على فرض أنّ النبيّ قدّمه ـ إنما كان لإظهار نقصه عند الأمة وعدم صلاحيته للتقديم في شيء ، فإن من لا يصلح أن يكون إماما للصلاة مع أنه أقل المراتب عند العامة لصحة تقديم الفاسق فيها ، فكيف يصلح أن يكون إماما عاما ورئيسا مطاعا لجميع الخلق ، فكان قصده صلوات الله عليه وآله إن كان وقع هذا الأمر منه إظهار نقص أبي بكر وعدم صلاحيته للتقديم في ذلك ، فيكون حجة عليهم لا لهم.
وما أشبه هذه القصة بقصة سورة براءة وعزله عنها ، وإنفاذه بالراية في يوم
__________________
(١) صحيح البخاري ج ١ / ٢١١ ح ٦٩٢.
(٢) كنز العمال ج ٦ / ٥٤ ح ١٤٨١٥ عن سنن البيهقي.
(٣) صحيح البخاري ج ١ / ٢١٢ ح ٦٩٦.