إشكالات وردود
فقد أشكل بعض العامة بإشكالات تحريفا منهم للمعنى الحقيقي للآية المباركة انتصارا لأنفسهم لا للحق ، ودحضا لخلافة آل بيت محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم منها :
الإشكال الأول :
لا شك أن الله تعالى أمر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بإظهار التبليغ ، وآمنه تعالى من مكر الماكرين لعلمه عزوجل أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان خائفا على نفسه من أن يقتلوه فيبطل بذلك أثر الدعوة وينقطع دابرها ، فكان يعوقه إلى حين ليس فيه هذه المفسدة.
والجواب :
١ ـ أن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يملك من أمره شيئا حتى يمكن له أن يخاف على نفسه لكونه عبدا مأمورا من قبل الله عزوجل ، لذا قال له (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) (١).
مضافا إلى أن الله سبحانه لا يعجزه إذا ما قتلوا النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يحيي دعوته بأي وسيلة من الوسائل شاء ، وبأي سبب أراد.
٢ ـ إن الآية الكريمة وإن كان ظاهرها التهديد ، لكنه لبيان أهمية الحكم المنزل ، وأنه بحيث لو لم يصل إلى الناس ولم يراع حقه ، كان كمن لم يراع حق شيء من أجزاء الدين ، فقوله (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ) جملة شرطية سيقت لبيان أهمية الشرط وجودا وعدما لترتب الجزاء الأهم عليه وجودا وعدما ، وليست شرطية مسوقة على طبع الشرطيات الدائرة عندنا ، فإنّا نستعمل «إن» الشرطية طبعا فيما نجهل تحقق الجزاء للجهل بتحقق الشرط ، وحاشا ساحة النبي من أن يقدّر القرآن في حقه احتمال أن يصل الحكم النازل عليه من ربه وأن لا يبلّغه للآخرين ، وقد قال الله تعالى بحقه (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) فالجملة الشرطية في الآية المباركة (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ) إنما تفيد التهديد بظاهرها ، وتفيد إعلامه عليه
__________________
(١) سورة آل عمران : ١٢٨.