السورة المتقدمة فزعم عثمان أن سورة براءة هي من تتمة سورة الأنفال (١) لتشابه ما بينهما في السياق العام وهو تعنيف بمناوئي الإسلام وتحريض المؤمنين على الثبات والكفاح لتثبيت كلمة الله في الأرض ، وحيث لم يرد نقل بشأنهما فقرن بينهما وجعلهما سورة واحدة هي سابعة الطوال.
إذن فإن ترتيب عثمان للمصحف مغاير لترتيب سائر الصحابة أمثال ابن مسعود وأبيّ بن كعب ، مضافا إلى مخالفته لترتيب مصحف مولانا عليّ بن أبي طالب عليهالسلام حيث كان مصحفه مرتّبا بحسب النزول ، فكان أوله اقرأ ثم المدثر ثم نون ثم المزمّل ثم تبت ثم التكوير وهكذا إلى آخر المكي والمدني ، نقله في الاتقان (٢) عن ابن فارس ، وفي تاريخ اليعقوبي (٣) ترتيب آخر لمصحفه عليهالسلام. وهذا ما قال به أكثر محققي الشيعة بل نستطيع القول أن الإجماع قام عليه لأن ترتيبه على حسب ترتيب النزول ، وقد أشارت النصوص الكثيرة على أن أمير المؤمنين عليّا عليهالسلام هو أول من تصدّى لجمع القرآن بعد وفاة النبيّ مباشرة بوصية منه صلىاللهعليهوآلهوسلم.
من هذه النصوص ما أورده القمي عن الثمالي عن أبي جعفر عليهالسلام قال : ما أحد من هذه الأمة جمع القرآن إلّا وصيّ محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم (٤)
وعن جابر قال :
سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : ما من أحد من الناس يقول : إنه جمع القرآن كله كما أنزل الله إلّا كذّاب ، وما جمعه وما حفظه كما أنزل الله إلّا عليّ بن أبي طالب والأئمة من بعدهعليهمالسلام(٥).
__________________
(١) كما أن العياشي (قدسسره) روى في تفسيره ج ٢ / ٧٩ عن أحدهما قال : الأنفال وسورة براءة واحدة.
(٢) الاتقان ج ١ / ٦٢.
(٣) تاريخ اليعقوبي ج ٢ / ١١٣ والتمهيد ج ١ / ٢٣٠.
(٤) بحار الأنوار ج ٨٩ / ٤٨ نقلا عن تفسير القمي.
(٥) بحار الأنوار ج ٨٩ / ٨٨ ح ٢٧.