عائذ بالله تعالى من سخطه وسخطك يا فاطمة ، ثم انتحب أبو بكر يبكي ، حتى كادت نفسه أن تزهق ، وهي تقول : والله لأدعونّ الله عليك في كلّ صلاة أصليها ،. ثم خرج باكيا فاجتمع إليه الناس ، فقال لهم : يبيت كل رجل منكم معانقا حليلته مسرورا بأهله ، وتركتموني وما أنا فيه ، لا حاجة لي في بيعتكم! أقيلوني بيعتي ، قالوا : يا خليفة رسول الله ، إنّ هذا الأمر لا يستقيم وأنت أعلمنا بذلك ، إنه إن كان هذا لم يقم لله دين ، فقال : والله لو لا ذلك وما أخافه من رخاوة هذه العروة ما بت ليلة ولي في عنق مسلم بيعة ، بعد ما سمعت ورأيت من فاطمة (١).
ثم ذكر ابن قتيبة كغيره من مؤرخي العامة أن الإمام عليا عليهالسلام بايع أبا بكر بعد شهادة الصدّيقة الطاهرة فاطمة عليها أفضل التحية والسلام بعد خمسة وسبعين ليلة (٢) من وفاة أبيها النبيّ محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم. وعند الواقدي والطبري وابن الأثير بعد ستة (٣) أشهر.
لكنّ هذا الأمر غير صحيح لأن معنى البيعة : الاعتراف بشرعية المغتصبين لحقه المبارك ، كما أنه لا يمكنه التنازل عنه لكونه غير قابل للنقل والانتقال لأنه من مختصات الإمامة ، وعهد من الله لا يهبه لمن عهد منه المعصية يوما في حياته.
ويشهد لذلك ما ورد من النصوص الصادرة عن أئمة آل البيت عليهمالسلام مضافا إلى أن القرائن الخارجية تشير إلى أنه لم يبايع ، منها :
قول أبي بكر لعمر : «لا أكرهه على شيء ما كانت فاطمة إلى جنبه» (٤).
وهل عدم بيعة أمير المؤمنين للقوم سببه السيدة المطهّرة ، أراد الإمام عليهالسلام
__________________
(١) الإمامة والسياسة ص ٣٠.
(٢) الإمامة والسياسة / الدينوري ص ٣.
(٣) هامش الإمامة والسياسة ص ٣١ والطبري ج ٢ / ٤٤٨ والكامل في التاريخ ج ٢ / ٣٣١ وشرح النهج مج ٣ / ٢٠٤ ، هذا بالإضافة إلى أن الراوي لخبر الستة أشهر هو الزهري عن عائشة وهما غير ثقتين عندنا.
(٤) الإمامة والسياسة ص ٣١.