وهذا الحديث المبارك شاهد صدق على إمامة الأئمة عليهمالسلام إذ لا يكون المكلّف أمانا لأهل الأرض إلّا لكرامته على الله تعالى ، وامتيازه في الطاعة والمزايا الفاضلة مع كونه معصوما ، فإنّ العاصي لا يأمن على نفسه فضلا عن أن يكون أمانا لغيره.
فإذا كانوا أفضل الناس باعتبار كونهم أمانا لأهل الأرض فإن ذلك دليل على بقائهم ما دامت الأرض ، وهذه حجّة على المخالفين الذين أنكروا ولادة الإمام المهديّ المنتظر عجّل الله فرجه الشريف وادّعوا أنه سيولد.
والسرّ في كون الأئمة عليهمالسلام أمانا لأهل الأرض هو أنهم منزهون مقدّسون مطهرون عنده سبحانه ، هذا مضافا إلى إحاطتهم لصفات الجمال والكمال الرباني وعبادتهم لله وحده ؛ وهذه المكرمة التي اختصهم بها المولى سبحانه تماما كمكرمة نبيّه الأعظم الذي به دفع العذاب عن العباد ما دام بين ظهرانيهم وما داموا يستغفرون قال تعالى :
(وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) (١) والأئمة عليهمالسلام هم نفس النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لقوله تعالى : (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ) (٢).
ومثل حديث الأمان حديث السفينة المروي عند الفريقين أيضا بسند صحيح عن حنش الكناني قال : سمعت أبا ذر يقول وهو آخذ باب الكعبة : أيها الناس من عرفني فأنا من عرفتم ، ومن أنكرني فأنا أبو ذر ، سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق (٣).
__________________
(١) سورة الأنفال ، آية : ٣٣.
(٢) سورة آل عمران ، آية : ٦١.
(٣) مستدرك الصحيحين ج ٢ / ٣٤٣ وكنز العمال ج ٦ / ٢١٦ والهيثمي في المجمع ج ٩ / ١٩٨ والطبراني في الكبير والأوسط والصغير ، وفضائل الخمسة من الصحاح الستة ج ٢ / ٥٦ ـ ٥٧.