هيهات يا أبا بكر ، إذا ذهبت أنا وأنت ، جاءنا بعدك من يسومنا الضيم (١). وفي نص آخر قال سعد لعمر : نحن الوزراء وأنتم الأمراء ، فاتفقا (٢).
تنبيه :
إذا لم يكن لأبي بكر طاعة على الحباب وأصحابه فلم يلزمه بالبيعة له ، فلما ذا ألزم الإمام عليا وأصحابه بها حتى اقتحموا داره لأجل أخذ البيعة منه؟!
على كل صاحب ضمير أن ينصف بحكمه عند ما يقرأ تاريخا كهذا.
وهكذا اتفق أكثر الأنصار والمهاجرين ممن حضر السقيفة على بيعة أبي بكر إما طمعا أو خوفا إلا القليل منهم حيث ثبتوا على مواقفهم الباسلة منهم سعد بن عبادة ، فانتصب مجابها للقوم قائلا لهم :
أما والله لو أن لي ما أقدر به على النهوض ، لسمعتم مني في أقطارها زئيرا يخرجك ـ يقصد أبا بكر ـ وأصحابك ، ولألحقنّك بقوم كنت فيهم تابعا غير متبوع ، خاملا غير عزيز ، فبايعه الناس جميعا حتى كادوا يطئون سعدا ، فقال سعد : قتلتموني ، فقال عمر : اقتلوه قتله الله ، فقال سعد : احملوني من هذا المكان ، فحملوه فأدخلوه داره وترك أياما ، ثم بعث إليه أبو بكر فقال له : أن أقبل فبايع ، فقد بايع الناس ، وبايع قومك ، فقال : أما والله حتى أرميكم بكل سهم في كنانتي من نبل ، وأخضب منكم سناني ورمحي ، وأضربكم بسيفي ما ملكته يدي ، وأقاتلكم بمن معي من أهلي وعشيرتي ، ولا والله لو أن الجن اجتمعت لكم مع الإنس ما بايعتكم حتى أعرض على ربي ، وأعلم حسابي ، فلما أتى بذلك أبو بكر من قوله ، قال عمر : لا تدعه حتى يبايعك ، فقال لهم بشير بن سعد : إنه قد أبى ولجّ ، وليس يبايعك حتى يقتل (٣) ، وليس بمقتول حتى يقتل ولده معه وأهل بيته
__________________
(١) الإمامة والسياسة ص ٢٦.
(٢) الكامل في التاريخ ج ٢ / ٤٤٤ حوادث عام ١١ ه.
(٣) وبالفعل قتل سعد بن عبادة ، وقاتله عمر بن الخطاب ، فقد روى البلاذري في تاريخه أن ابن الخطّاب أشار إلى خالد بن الوليد ومحمّد بن سلمة الأنصاري بقتل سعد ، فرماه كل واحد بسهم ،