ثالثا :
إنّ الكمالات النفسانية والبدنية بأجمعها موجودة في كل واحد من أئمتنا عليهمالسلام ، ومن كان كاملا في نفسه كذا هو مكمّل لغيره وذلك يدلّ على استحقاقه الرئاسة العامّة لأنه أفضل أهل زمانه ، وحيث يقبح تقديم المفضول على الفاضل ، يقبح تقديم غيرهم عليهم ، فيثبت كون كل واحد منهم إماما وهو المطلوب.
وأما الأدلة النقليّة :
فمن الكتاب ، قوله تعالى :
(وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) (١).
بتقريب :
إنّ الله سبحانه هو الجاعل للناس خليفة ولا يحقّ لغيره أن ينتخب خليفته سبحانه ، وحيث إنّ حيثية الخلافة لم تكن مقيّدة بجهة معيّنة. يفهم من ذلك أن الخلافة ظاهرة في كون هذا الخليفة نائبا عن المستخلف له في جميع شئون ما استخلف عليه ، فلا تختصّ خلافته ببعض دون بعض وفي مورد دون آخر بل هي عامة لمختلف الشئون الخاصّة والعامّة ، وهذا يدلّ على أنّ الخليفة يفرض له أن يتحلّى بكل الأسماء الإلهية والصّفات الربانية لأنه نائب عنه سبحانه فيها ، وحيث إنّ تعبيره سبحانه ب «إني جاعل» ولم يقل «سوف أجعل» أو «جعلت» يدلّ على استمرار هذا الجعل في أمد الزمان من أوّل خلقه آدم إلى يوم القيامة ، فأوّل فرد من أفراد الإنسان يكون كذلك ، وإلّا لم يكن جاعلا في الأرض خليفة ، ويدوم ذلك كذلك إلى آخر الزمن ، فوجود الإنسان الكامل الخليفة لا يختصّ بزمان دون زمان.
__________________
(١) سورة البقرة ، آية : ٣٠.