صاحب الميزان (١).
ويقول صاحب مجمع البيان في تفسير الآية : «أي جمعت حتى يقتص لبعضها من بعض ، فيقتص للجماء من القرناء ، ويحشر الله ، سبحانه ، الوحوش ليوصل إليها ما تستحقه من الأعواض على الآلام التي نالتها في الدنيا ، وينتصف لبعضها من بعض ، فإذا وصل إليها ما استحقته من الأعواض ، فمن قال إن العوض دائم ، تبقى منعمة إلى الأبد ، ومن قال : تستحق العوض منقطعا ، فقال بعضهم : يديمه الله لها تفضلا لئلا يدخل على المعوّض غمّ بانقطاعه ، وقال بعضهم : إذا فعل الله بها ما استحقته من الأعواض جعلها ترابا» (٢).
وربما قيل : «إن حشر الوحوش من أشراط الساعة لا مما يقع يوم القيامة ، والمراد به خروجها من غاباتها وأكنانها» (٣). وهذا هو المعنى الثاني الذي أثرناه في السؤال ، وربما كان هو الأقرب ، لأن الآية واردة في أشراط الساعة لا في وقائعها ، في ما يوحي للإنسان بالرعب ، بحيث تصل المسألة في أهواله ، إلى مستوى حشر الوحوش في مكان واحد بالرغم من خروج ذلك عن طبيعتها .. أمّا مسألة الآية في سورة الأنعام ، فقد يكون المراد بالحشر إلى الله غير الحشر في ساحة الحرب ، لأنه لم يثبت أن هناك تكليفا للحيوانات ، ولا معنى لتعويض الحيوانات عن آلامها ، وإلا لكان قتلها أو ذبحها موجبا لذلك. ولم يثبت ذلك من عقل ولا من نقل.
(وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ) يحتمل أن يكون المراد ملأها بالمياه ، وذلك من خلال وضع معين ، أو من خلال فيضانات كالتي يقال إنها صاحبت مولد
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ٢٠ ، ص : ٢٣٦.
(٢) مجمع البيان ، ج : ١٠ ، ص : ٦٧٣ ـ ٦٧٤.
(٣) تفسير الميزان ، ج : ٢٠ ، ص : ٢٣٦.