النبوية ، لأن هناك روايات أخرى مختلفة المضمون عن هذين الخبرين ، مما يجعلنا لا نثق بأيّ مضمون منها ، وقد نلاحظ في الخبر الأول أن لقاء جبريل به كان في اليقظة ، بينما هو في الخبر الثاني يتحدث عن أنه كان في حالة النوم.
الملاحظة الثانية : إن حديث جبريل معه في النوم عن الآيات المنزلة لم يكن يوحي بتحوّله إلى شخصية شاعر ، أو حدوث عارض من الجنون له ، ليعاني ـ في نفسه ـ هذا الهاجس من تقمّصه لهاتين الشخصيتين البغيضتين إلى نفسه ، لأن الحلم لا يؤثر أيّ تأثير سلبيّ على حركة الشخصية في الواقع ، حتى لو كان هناك ما يوحي بذلك ، لأن اختلاف حالة اليقظة عن حالة النوم أمر بديهيّ للوجدان الشخصي ، ثم ما هو معنى أن تترك هذه المسألة تأثيرها السلبي على نفسه ليقرر أن يلقي نفسه من حالق ليستريح ، من دون وجود أيّ شيء حقيقيّ في الواقع ، لو لا نداء جبريل له ، وإرسال خديجة في طلبه؟ وكيف هي صورة الشخصية النبوية التي اختارها الله لرسالته ، في هذه الصورة المهزوزة الخائفة التي لا تملك التماسك والثبات!
الملاحظة الثالثة : إن حديث النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مع خديجة في خشيته على نفسه من الجنون ، وجوابها له في تعداد صفاته التي لا بد من أن يحبه الله من خلالها ، يدلّ على أنها كانت أكثر وعيا للمسألة منه ، وأكثر معرفة بالله في رعايته لعباده الصالحين ، وهذا مما يتنافى مع شخصية النبي المعروفة بالمستوى الكبير من المعرفة التي اكتسبها من تأملاته الروحية في غار حراء ومن ألطاف الله المحيطة به في رعايته له.
الملاحظة الرابعة : إن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان بحاجة إلى أن يأخذ الثقة برسالته من ورقة الذي هو رجل نصرانيّ ، ليؤكد له بأن هذا هو الناموس الذي جاء به موسى عليهالسلام ، ولا ندري كيف عرف هذا الرجل هذا الموضوع من خلال حديث النبي له عن تجربته الرسالية التي لا تشبه شيئا مما حدث