كلّف الله به رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم من بذل الجهد الكبير في سبيلها وتحمّل المصاعب من أجلها ، ومواجهة التحديات الكبيرة القاسية في طريقها. ثم بدأ الثقل يخفّ كلما كثر المسلمون وانتصروا على قوى الشرك ، عند ما دخل الناس في دين الله أفواجا ، فتحمّلوا عن رسول الله الكثير مما كان يبذله من جهد ، وما كان ينوء به من عبء الرسالة ، حيث تحوّلوا إلى دعاة مخلصين ينتشرون هنا وهناك ، لينطقوا باسمه ، وليبشّروا الناس برسالته. وهكذا خفّ ظهره عما كان ينوء به مما كاد أن يكسره لثقله وشدّته.
* * *
رفع ذكر النبي
(وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ) فجعلنا الشهادة لك بالرسالة مقارنة للشهادة لله بالوحدانية ، لترتفع المآذن خمس مرات في اليوم والليلة ، ولينطلق به المؤمنون في صلواتهم ، وليتحرك به كل الناس عند ما يتحدثون عن الإسلام وعن كل ما يتصل به ، فيذكرونك من خلاله ، أو يذكرونه من خلالك ، هذا بالإضافة إلى ما رفعه الله لك من ذكر عند ملائكته في عالم الغيب.
وقد نستشعر ، من هذه الآية ، أن رفع الذكر قد يكون أمرا محبوبا مرضيّا عند الله ، بحيث يمتنّ الله به على عباده الذين يرزقهم منه ، فلا مانع من أن يسعى إليه ، ولكن لا من خلال عقدة الذات في الكبرياء أو الأنانية ، بل من خلال المهمّات التي يقوم بها ، والخدمات التي يؤديها للناس قربة إلى الله ، حيث يكون انتشار ذكره منطلقا في خط الإيحاء بالرسالة والمسؤولية والإيمان.
* * *