الضحى والهدوء النفسي
(وَالضُّحى) وهذا القسم بالضحى يمثل معنى إيحائيا ، من خلال ما يريد إثارته من الأجواء الرقيقة في المشهد الرائع الذي يمثله الإشراق الكوني في الصفاء المنساب مع حبات النور التي تحمل الدفء ، ولكنها لا ترهق الكون والإنسان بالحرارة الشديدة التي يحملها وقت الظهيرة.
(وَاللَّيْلِ إِذا سَجى) في ما يوحي به سجوّ الليل ، وهو سكونه ، عند ما يتقدم فيغشى الكون بظلامه ، فتهدأ الحركة ، وتنام العيون ، ويسهر الحالمون ، ليستغرقوا في ضباب الأحلام السعيدة المنسابة مع تطلّعات النفس إلى المستقبل الحالم الجميل ، فتصفو الروح ، ويهدأ الجسد ، وترتاح المشاعر من حالة التوتر التي تثيرها الضوضاء ، وتلتقي الأفكار الموحية المنفتحة على الكون كله بالمشاعر الصافية التي لا تلتقي إلا بالخير والمحبة والسلام.
ويريد الله من رسوله ، الذي يحاول المشركون إثارة القلق في روحه وفي وجدانه ، أن يتأمّل روعة الضحى في إشراقة الكون ، وهدوء الليل في غفوة الظلام ، ليعيش الهدوء النفسي والصفاء الروحي والسكون الوجداني ، فلا يضطرب قلبه ، ولا تتعقّد مشاعره ، لأن الله الذي أعطى الكون روحه في هدوء الضحى وسكون الليل ، سوف يمنحه السلام الروحي الرائع في حركته في الرسالة.
* * *
(ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى)
(ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى) فالله عند ما أوقف نزول الوحي عليك فترة من