في أجواء السورة
يذكر المفسرون أن الوحي قد احتبس عن النبي مدّة ، فقال المشركون : إن ربّه قد ودّعه وقلاه ، ولو كان رسولا لما احتبس عنه ، فنزلت هذه السورة. وقيل إن المسألة قد حدثت في المدينة ، فتساءل المسلمون عن ذلك ، ولكن الجوّ أقرب إلى الجوّ المكّي.
وكانت هذه السورة لتفتح قلبه على محبة الله له الذي آواه ورعاه وحماه وهداه وأغناه ، فلا تضطرب مشاعره ، ولا تختنق روحه ، بل يبقى في حالة الصفاء الروحي ، كصفاء الضحى في إشراقه ، وفي حالة الهدوء الرائق الشفاف ، كهدوء الليل الساجي ، وليعرف أن الله عند ما يختار رسوله للدعوة إليه ، فإنه لا يودّعه ولا يبغضه ، لأنه لم يختره للرسالة إلا من خلال اطلاعه على قابليته وإمكاناته الروحية التي تجعله مؤهّلا لمحبة الله ولانفتاحه عليه ولاعتماده على دوره ، لأن اختيار الله عبدا لرسالته ليس أمرا طارئا خاضعا لمرحلة زمنية معيّنة ، بل هو أمر ثابت في صلاحية الرسول وحاجة الحياة إلى الرسالة.
وتبدأ السورة بعد ذلك لتذكّر النبي بأن الجهد الذي يبذله في سبيل الدعوة ، والعناء الذي يعانيه ، لا يمثّلان أيّة مشكلة صعبة في ثبات قراره على