أساس ما ينتظره في الدار الآخرة من ذلك ، مما يجعل المسألة متحركة في خط التصديق بالنتائج الطيبة والالتزام بالخط المستقيم.
(فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى) التي تمثل خط اليسر والرفق الذي يتحرك فيه للتيسير في السير نحو مواقع رضى الله ، وللتوفيق في الوصول إلى النتائج الطيبة في الدنيا والآخرة ، فلا يجد عسرا في ذلك على كل المستويات.
* * *
جزاء (مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى)
(وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى) فعاش الأنانية في سجن ذاته وعزل نفسه عن الآخرين ، بحيث تعقدت كل مشاعره الطيبة في الإحساس بآلامهم في حرمانهم من ضرورات الحياة ، فامتنع من المشاركة في حلّ المشاكل الإنسانية للفقراء والمحرومين ، ولم يكن ذلك ناشئا من عجزه المالي ، لأنه يملك الغنى في هذا المجال. وربما أريد من قوله : (وَاسْتَغْنى) الاستغناء عن الله في ما يأمله العباد من ثوابه لتمرّده على ربه ، وابتعاده عن آفاق رحمته وهداه ، (وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى) فلم يؤمن بالآخرة ليستعد لها في عطائه وفي حركته العملية العامة والخاصة ، ولذلك لم تكن حياته منسجمة مع خط دين الله.
(فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى) وذلك بخذلانه وعدم توفيقه للخط الذي ييسر له سبل الحياة ، لأن طبيعة التعقيد الفكري والروحي تؤدي إلى التعقيد العملي الذي يشارك في إرباك حياته وحياة الناس من حوله في ما يثيره من مشاكل نفسية خانقة تخنق كل حيويّة في الفكر والواقع ، وسيكون مصيره إلى الهلاك عند الله. (وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى) وسقط في الهاوية المصيرية في نار جهنم ، لأن المال الذي يبخل به ويمنعه عمن يحتاج إليه ، لا يمثل له أيّة قيمة عند الله ، بحيث ينقذه من مصيره المحتوم ، لأن المال يمثل القيمة في المظهر العملي الذي يحوّله إلى تقوى الله.
* * *