(فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ) أي فأطلق عليهم غضبه ، في ما يوحي به من تنكيل وعذاب صارخ ، بسبب هذا الذنب الكبير. وإذا كان بعضهم قد قام بالعقر ، فإن البعض الآخر قد قام بالإعداد والتأييد والرضى ، الأمر الذي جعل التبعة الاجتماعية مشتركة بينهم ، لأنهم أعطوا الجريمة قوّتها وفعاليتها من خلال هذا الشمول في الموقف العملي المتحرك. وهذا ما تؤكده هذه الآية التي اعتبرت العقر عملا منسوبا إليهم جميعا ، وأكدت شمولية الذنب لهم. وهذا ما عبّر عنه الإمام علي عليهالسلام في قوله المروي عنه في نهج البلاغة : «إنما يجمع الناس الرضى والسخط ، وإنما عقر ناقة ثمود رجل واحد فعمّهم الله بالعذاب لما عمّوه بالرضى» (١) ، وقال : «الراضي بفعل قوم كالداخل فيه معهم وعلى كل داخل في باطل إثمان : إثم العمل به ، وإثم الرّضى به» (٢). وهكذا أطلق الله عليهم العذاب ، الذي عبر عنه بالدمدمة التي توحي بالرعب في إثارة الغضب ، (فَسَوَّاها) أي سوّى أرضهم عاليها بسافلها ، وقيل سوّاها بينهم فلم يفلت من العذاب صغيرهم ولا كبيرهم. (وَلا يَخافُ عُقْباها) أي لا يخاف عاقبة ذلك ونتائجه ، لأن الله هو الذي يملك القوّة كلها ، فلا قوّة لأحد معها ، وهو المهيمن على الأمر كله ، الذي يخافه الناس جميعا ، لأنه الأعلى والأعظم والأقوى والأكبر ، فكيف يخاف من عباده الذين لا يملكون لأنفسهم من الأمر شيئا في الدنيا والآخرة؟!.
* * *
الوقوف بين خط الفلاح وخط الخيبة
وإذا كان الله قد أنزل العذاب بثمود لتكذيبهم وفجورهم العملي ،
__________________
(١) نهج البلاغة ، الخطبة : ٢٠١ ، ص : ٣١٩.
(٢) (م. ن) ، قصار الحكم : ١٥٤ ، ص : ٤٩٩.