القرآن في مجتمعهم ، وهي ، أنهم يختزنون في نفوسهم حب المال بالمستوى الذي يجعلهم يحصلون على ما لا حق لهم فيه ، فيجمعونه من حلّه وحرامه ، ويمتنعون عن إكرام اليتيم ، وعن الحضّ على طعام المسكين ، ثم ينفتح الأفق على مشارف الآخرة ، حيث تدكّ الأرض وتعيش الزلزال المدمّر ، وتتجلى القيامة في جلال الله الذي يسيطر عليها ، وفي إشراف الملائكة المتحركين صفا صفا بأمر الله ، في خشوع العبودية المنتظرة لإرادته في ما يصنعون ، وفي جهنم التي تكاد تكون موقعا قريبا من الناس بحيث تقترب منهم حتى يشاهدوها ، وفي هذه اللحظة ، تهب الذكرى كريح عاصفة تهزّ الإنسان في وجدانه ، فينفتح له باب الحقيقة على مصراعيه ، ويبدأ في استثارة الحسرة في نفسه ، ليتمنى أن يكون قد قدّم لحياته الأخروية شيئا في ما مضى من حياته الدنيوية ، ولكن لا فائدة ، فقد كفر من دون حجة ، وعاش الغفلة في مواقع التذكر ، ولذلك فسوف يعذب عذابا لم يعذب أحد مثله ، وسيوثق وثاقا لم يوثق أحد مثله.
ويبقى للنفس المطمئنة التي أقبلت على الله واطمأنّت لموقعها عنده ، فعاشت الإيمان به ، والعمل الصالح في خط رضوانه ، أن يناديها الله بأن ترجع إليه في دار قدسه راضية عن ربها مرضية عنده ، ليدعوها إلى الدخول في عباده الذين اختصهم برحمته ، وإلى الدخول في جنته التي هي موقع رضاه.
* * *