في أجواء السورة
وهذه السورة المكية ، تطل على آفاق متنوعة يطوف فيها القلب البشري في أجواء النداوة والروعة الكونية ، في القسم بالفجر والليالي العشر التي اختلف الناس في المراد منها ، والشفع والوتر اللتين قد يراد بهما الصلاة الليلية المسماة باسمهما ، وبالليل الذي يسير في أجواء الكون ليبسط على الأفق ظلامه المزركش بنقط النور المطلّة على كل حبات الظلام ، ليخشع الخاشعون فيه ، وليبتهل المصلون في هدوئه ، ثم توجه الفكر إلى التاريخ ، تاريخ الطغاة ، عاد وثمود وفرعون الذين طغوا في البلاد من خلال القدرات التي يملكونها ، في ما حرّكوه منها في طريق الطغيان والشر ، فأكثروا فيها الفساد ، فلم يمهلهم الله كثيرا ، بل أخذهم أخذ عزيز مقتدر ، وصب عليهم العذاب بسياطه الجهنمية ، فهو بالمرصاد لكل طاغية ومفسد في الأرض ، مهما كان قويا ، أو مسيطرا.
ثم انطلقت في أجواء المفاهيم الإنسانية في ما يستوحيه الإنسان خطأ من المواقع التي يعيشها في مفردات حياته ، فقد يوسع الله على الإنسان في الرزق ، ليختبره هل يشكر أو يكفر ، فيظن الإنسان أن ذلك يمثل كرامة له من الله ، وقد يضيّق الله عليه ليختبره ، هل يكفر أو يصبر ، فيظن أن ذلك يمثل إهانة وتحقيرا من الله له ، فيؤكد القرآن الحقيقة الموضوعية في حياة هؤلاء الناس الذين نزل