في أجواء السورة
وهذه سورة مكية تطوف بالإنسان في حديث يوم القيامة الذي يعبر عنه بالغاشية ، التي تثير الناس بأهوالها وتغشاهم حتى يكادوا لا يرون شيئا من شدة الهول في الموقف. وتتحدث عن الناس الذين يبدو مصيرهم في ملامح وجوههم ، فهناك وجوه خاشعة توحي بالذل في خشوعها الذي لا يملك أفقا يرتفع بصرها إليه ، ومصيرها إلى النار التي تصلاها وتسقى فيها من عين شديدة الحرارة ، وتأكل فيها طعاما لا غذاء فيه فلا يسمن ولا يغني من جوع. وهناك وجوه «ناعمة» ، توحي بالسعادة والرضى والطمأنينة من خلال سعيها ، ومصيرها الجنة العالية التي لا تسمع فيها إلا الكلام النافع للقلب وللروح ، وتجري فيها العين التي تفيض بالماء العذب ، وتجد فيها السرر المرفوعة التي يجلسون وينامون عليها ، والأكواب الموضوعة المصفوفة الجاهزة للشراب متى أحسوا بالحاجة إليه ، والوسائد التي يتكئون عليها ، والبسط الفاخرة التي يجلسون عليها ، في ما يمثل ذلك كله من توفر الأشياء التي توحي بالنعيم.
ثم توجه الجاحدين للتطلّع إلى خلق الله في الإبل كيف خلقت ، وفي السماء كيف رفعت ، وفي الجبال كيف نصبت ، وفي الأرض كيف سطحت ، ليفكروا في ذلك كله ، وليتعرفوا من خلاله على عظمة الله المودعة في هذه