نظرتهم استعلائية ، على أساس احتقار المؤمنين من دون أن يكون هناك أساس في الواقع لمثل هذا التصرف ، بل هناك أساس للوضع العكسي ، وهو الاحترام والإكبار.
* * *
حديث القرآن هو حديث الواقع
وإذا كان القرآن يحدثنا عن هؤلاء المجرمين في تعاملهم مع المؤمنين ، فإن ذلك ليس حديث التاريخ الذي يستمع إليه الإنسان من بعيد ، بل هو حديث الواقع المتحرك الذي يفرض نفسه على ساحة الصراع في كل زمان ومكان ، ممّا يجعل القضية قضية استيحاء الصورة التاريخية للصورة المعاصرة ، لدراسة سلوك الكافرين والمستكبرين الذين يستخدمون أساليب السخرية والاستهزاء بالإيمان والمؤمنين في الخطوط الكلية والجزئية ، وفي كل مفردات الحياة العامة والخاصة ، كجزء من الحرب النفسية التي يراد منها إسقاط الروح المعنوية للمسلمين في مواجهتهم للتحدّيات المفروضة عليهم ، لينهزموا نفسيا قبل الدخول في المعركة الفكريّة أو السياسيّة أو العسكريّة ، لأنّ السخرية قد تؤذي المشاعر أكثر مما تؤذيها الآلام الجسدية الناشئة من الجراح من ضربات العدو ، مما تجعل تأثيرها في عمق الروح أكثر من تأثير تلك الآلام في نطاق الموقف.
ولكن المؤمنين الواعين الذين لا يستغرقون في الجزئيات في خلفيات الموقف وتطلعاته ، بل يرتبطون بالروح الكلي المنطلق من الإيمان بالله الكلّي القدرة ، والواسع الرحمة ، يتطلعون إلى آفاق قدرته ليسخروا من قدرة الآخرين ، ويأملون بالوصول إلى مواقع رحمته ، ليحتقروا اضطهاد الناس لهم ، ويفكرون بالآلام من خلال الفرح الروحيّ الذي يعيشونه عند ما يفكرون أنها