أسلوب من أساليب اللف والدوران التي تحاول خداع الآخرين ، لتجعل منهم أرقاما تضاف إلى أرقام الأتباع الموجودين الذين يشاركون في تضخيم شخصية الأستاذ ، من دون ملاحظة لاستفادتهم منه أو قابليتهم للتعلّم والانتفاع بعلمه.
فقد لا حظ هذا العبد الصالح أنه يختلف عن الآخرين في طبيعة معرفته بالواقع ، فهم يلتقون بالجانب الظاهر منه بينما يعتبر نفسه مطلعا على الجوانب التي تختفي وراء الصور الظاهرية المألوفة للأشياء ، مما يجعلهم يرفضون أو لا يتحملون طريقته في العمل وأسلوبه في معالجة هذا الواقع ، وسوف لن يتقبلوها في نهاية المطاف. وبذلك تفقد الصحبة فائدتها ، وتتحول إلى مزيد من المجادلات والمخاصمات التي لن تكون في مصلحة أحد ، ولا في مصلحة الحقيقة على أي حال.
وعلى ضوء هذا ، أوضح له طبيعة سلوكه الذي يتعارض مع المألوف ، وأعلن له ـ مقدّما ـ أنه ـ أي موسى عليهالسلام لن يستطيع معه صبرا ، لأن الإنسان لا يملك الصبر على ما لم يحط بمعرفته ، فلم يكن من موسى عليهالسلام إلا أن وعده بالصبر والطاعة المطلقة ... وكانت تعليمات العبد الصالح أن لا يسأله موسى عليهالسلام عن كل شيء يشاهده ويثير استغرابه ، أو يرسم علامات الاستفهام في ذهنه ، مهما كان الشيء مثيرا أو غريبا ... وينتظر حتى يبدأه ـ هو ـ بالحديث عنه وعن كل شيء شاهده ورآه.
وبهذا كانت العلاقة المتبادلة بينهما علاقة صحبة ترتكز على السعي نحو المعرفة في إطار من الانضباط والواقعية.
٣ ـ إن القضايا التي قام بها هذا العبد الصالح ، كانت تتحدى صبر موسى عليهالسلام بما أثارته من خروج عن الخط الشرعي ، كما في قضية قتل الغلام ، وخرق السفينة ، لما في الأول من اعتداء على الأموال وتعريض الآخرين للخطر من دون حق ، ولما في الثاني من اعتداء على الحياة بدون ذنب