يتضمنه من خطوط وتعاليم وإرشادات ، ليكون ذلك حجّة لهم أو عليهم ، في ما يشتمل عليه كتاب الأعمال من خير أو شر. وربما كانت كلمة الإمام أوفق بالوجوه الثلاثة ، بقطع النظر عن القرينة التي ذكرناها ، لأنها مأخوذة من الموقع المتقدم الذي يتبعه الإنسان ويسير خلفه ، أمّا إطلاقه على كتاب الأعمال ، فعلى أساس العناية التشبيهية ، باعتبار أنه يمثل حركة المصير الأخروي الذي يسير الإنسان وراءه ، لأنه هو الذي يحدّد له خط السير هناك.
* * *
كلّ يرى عمله
(فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ) ويقبلون عليه بشغف ولهفة ويدققون في كل تفاصيله بشوق ومحبّة ، لأنهم يعرفون من خلال ذكريات الدنيا كيف كانت أعمالهم منسجمة مع خط الحق الذي جاء به النبي عن الله ، ودعا إليه الأئمة والعلماء ، ويعرفون أن الله لا يضيع عمل عامل منهم من ذكر أو أنثى ، (وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً) ولا ينقصون منها شيئا ، حتى بمقدار الفتيل ، وهو المفتول الذي في شق النواة ، أو في بطنها ، في ما يمثله ذلك من الشيء الدقيق الخفيّ.
(وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى) وهو الذي لم ينطلق في حياته من مواقع النور التي جاء بها الكتاب المنزل من قبل الله ، أو التي بشر بها وخطط لها الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ودعا إليها الإمام أو المرشد ، بل اتبع ـ في خطواته العملية ـ هواه ، وهوى الناس الذين يضلونه من دون الله ، ويخططون له الخطط الفكرية والعملية في اتجاه الضلال ، فكان يتخبّط من زاوية إلى أخرى ، ويصطدم بجدار هنا ، وآخر هناك ، ويتيه في متاهات الأفكار والأوهام التي لا تؤدي به إلى هدف واضح قويم. وهكذا كان مثله مثل الأعمى الذي لا يرتكز في خطواته