قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير من وحي القرآن [ ج ١٤ ]

232/423
*

(زُخْرُفٍ) : زينة.

(تَرْقى) : تصعد.

* * *

الأنبياء والتصور المنحرف عنهم

لعل مشكلة الأنبياء هي في التصور المنحرف لدى الناس الذين كانوا يعيشون معهم عن فكرة النبوة والنبيّ ، فقد كانوا يعتقدون بأن النبوّة حالة غير عادية ، باعتبارها تفويضا إلهيا للنبيّ ، فقد كانوا يعتقدون بأن النبوّة حالة غير خرقة ، لأنه وكيل تفويضا إليها للنبيّ بأن يتحرك في الأرض مع الناس بقدرة خارقة ، لأنه وكيل الله لدى الإنسان ، فيجب أن يتمتع بإمكانات عظيمة يغيّر بها الكون ، ويحكم بها الحياة ، فيعمل كل ما يريد ، أو ما يراد منه ، من تغيير ظاهرة كونية ، أو الإتيان بما يعجز البشر عن مثله.

لذا كانوا يتصوّرون أن النبي لا يمكن أن يكون بشرا ، وكون محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يملك مثل هذه القدرة المطلقة ، فقد مثل ذلك مشكلة في علاقة الناس به وإيمانهم برسالته ، مما أثار في فكرهم حالة شكّ أو استهزاء. وفي هذا الاتجاه ، كان حوار قريش مع النبي محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حول مسألة الرسالة ، وشروطهم للإيمان بها وبه ، من خلال ما كانوا يسمعونه من معجزة موسى أو عيسى ، وغيرهما من الأنبياء عليهم‌السلام في ما يدهش الفكر ويخطف البصر من خوارق العادة ... وإذا كان القرآن هو المعجزة التي جاء بها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فإنهم لا يرون في ذلك حالة غير عادية ، لأنها لا تتصل بالظاهرة الكونية ، بل ترتبط بالعنصر الغني للتعبير ، مما يمكن أن يكون قمة في الإبداع لا يبلغها أحد ، ولكنها لا تتلاءم مع معجزات الأنبياء الآخرين ، ولا تغيّر أية