الأكثر دقّة في إحصاء السنين التي لبثوها في هذا النوم الطويل. ومن الممكن أن تكون الإشارة إلى الناس الذين اختلفوا في أمرهم ، ومن القريب أن تكون الإشارة إلى أصحاب الكهف الذين وقع الخلاف بينهم في تحديد المدّة. وربما كان المراد من نسبة العلم إلى الله ، كنتيجة لبعثهم من رقدتهم ، إظهار ما يعلمه الله من ذلك ، وقد يكون ذلك من خلال الدراهم التي كانت معهم ، كما يذكره بعض المفسرين.
* * *
السّموّ الرّوحيّ والفكريّ
(نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِ) بعيدا عن كل التفاصيل التي يذكرها الناس في حديثهم ، مما يحمل من الأكاذيب والأساطير الشيء الكثير.
(إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ) فاهتدوا إلى طريق الإيمان ، وعاشوه فكرا وروحا ومنهجا للإنسان وللحياة ، فانفتحوا على الله في كل أفكارهم ومشاعرهم ومناهجهم وخطواتهم في الحياة ... فكان الله هو كل شيء عندهم في عمق وجودهم المتحرك (وَزِدْناهُمْ هُدىً) على أساس السنّة الإلهية التي تمدّ المؤمنين بالفيض الروحي الذي يشرق في حياتهم ، فيضيء لهم سواء السبيل ، ويدلهم على مواقع السموّ والرفعة والخير والعدل في الحياة.
وتلك هي السمة البارزة للمؤمنين في كل زمان ومكان ، من خلال ما يعيشونه من السموّ الروحي والفكري من مواقع الإيمان ، ومن النموّ المتزايد في الهدى الكامن في حياتهم من الداخل والخارج.
* * *