اختيار الأحسن تجنبا للتباغض
(وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) قل لهم ـ يا محمد ـ من موقع الإلزام في مواضعه ، على أساس المصلحة التي تحمل في داخلها الخير الضروري للناس ، ومن موقع النصيحة والاستحباب ، في مواضع الرخصة ، على أساس المصلحة الراجحة التي لا تلزم ، فهذا هو السبيل لتركيز المجتمع في علاقاته العملية ، على أساس الألفة والمحبة والخير والرحمة ، ولإبعاده عن التناحر والاختلاف والتباغض والتحاقد ، لأن الشيطان قد يدخل في خلفيات الكلمة وفي مداليلها ، وفي إيحاءاتها وحساسياتها ، ليثير العداوة والبغضاء بين الناس. (إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ) ويفسد علاقاتهم ، ويغري بعضهم ببعض ... فينبغي الحذر منه ، وذلك بالابتعاد عن مداخلة وحبائله ووسائله الشيطانية (إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوًّا مُبِيناً) فهو يحاول الإيحاء له بالكفر والشرك والضلال ، الذي يؤدي به إلى عذاب السعير.
* * *
الآية موجهة للناس كافة
وقد ذكر صاحب الميزان : «أن المؤمنين قبل الهجرة ربما كانوا يحاورون المشركين فيغلظون لهم في القول ، ويخاشنونهم بالكلام ، وربما جبهوهم بأنهم أهل النار ، وأنهم ـ معشر المؤمنين ـ أهل الجنة ، ببركة من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فكان ذلك يهيّج المشركين عليهم ، ويزيد في عداوتهم ، ويبعثهم إلى المبالغة في فتنتهم وتعذيبهم وإيذاء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والعناد مع الحق. فأمر الله ـ سبحانه ـ