والاستهزاء بآيات الله ورسله ، انطلاقا من حالتهم النفسية المتمردة القلقة التي تهرب من جهد البحث عن الحقيقة لتستجيب إلى النوازع الذاتية في أجواء الاستهزاء ، موحين لأنفسهم بأنهم في موقع القوة ، في الوقت الذي تهاجمهم فيه كل نقاط الضعف ، ليكون ذلك غطاء للضعف الداخلي الباحث عن حالات الاستعراض الكلامي والعملي.
* * *
جزاء الذين آمنوا : الجنة
ولكن هؤلاء ليسوا كل شيء في الصورة ، فهناك نموذج آخر من الناس عاشوا الجدية الفكرية في ما يواجهونه من قضايا الفكر الإيماني ، والمسؤولية العملية في مشاريع الواقع المتحركة في حياة الإنسان ، وهم المؤمنون الذين يعملون الصالحات. وهؤلاء هم الذين يملكون الوزن الكبير في حساب القيمة ، من خلال المضمون الحقيقي للشخصية الإنسانية على أساس الإيمان والعمل الصالح ، وهم الذين يملكون النتائج الإيجابية في الدار الآخرة.
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً) حيث ينزلون فيها في رياض النعيم ومع رفاق السعادة ، في حالة استرخاء روحيّ حالم يستغرقون معه في أحلامهم السعيدة ، ومشاعرهم الحلوة.
(خالِدِينَ فِيها) لا يذوقون فيها الموت حتى على مستوى الوهم ، لأن مسألة الخلود الأبدي تمثل الأساس في معنى الجنة على مستوى الجزاء الإلهي للمؤمنين العاملين. وربما كان لهذا الخلود في هذه الجنات معنى خاصّ ، وطعم لذيذ ، وحسّ متحرّك متجدد ... لا يشعر فيه الإنسان بالملل الذي قد ينتج عن الاستمرار في جوّ واحد ودائرة محدودة ، ولذلك فإن هؤلاء الذين