الكثيرة المترتبة على ذلك. قلها ، لتؤكدها في وعي الناس وضميرهم ، من موقع الوضوح في الفكرة ، والعمق في الإحساس ، والقوّة في الانتماء ... لئلا يضيع الناس عن الحق ، في ضباب الكلمات ، وتهاويل الأقنعة الملوّنة ، وخيّرهم بين الإيمان والكفر ، لا لتساوي بين الموقفين في النتائج ، على أساس الحرية الفكرية التي تؤكد على الشكل في الممارسة ، بعيدا عن الالتزام بالمضمون ، تماما كالكثيرين الذين يقدّسون الحرية ويحترمون نتائجها ، على أساس أنها التجسيد العملي لمبدأ الحرية ، الذي لا يلتزم موقفا معيّنا ، بل يلتزم المضمون الذي يتحرك في دائرته.
* * *
مفهوم الإسلام للحرية
إن الإسلام يطرح الحرية ، كموقف إنساني طبيعيّ ، في مواجهته لمسائل الفكر ومواقع العقيدة ، لأن عملية فرض القناعات ليست واردة في الطبيعة التكوينية للإنسان ، فإن الفكر لا يمكنه الاستسلام لضغط القوّة ، لتفرض عليه قناعاته ، بل هو خاضع لضغط الحجة والدليل والبرهان ، باعتبار أنها التي تحتوي حركته.
ولكن الحرية لا بد من أن تتحرك من مواقع المسؤولية ، التي تثير لدى الإنسان مسألة المصير كعنصر ضاغط على أجواء اللامبالاة التي يعيشها من خلال الروحية اللاهية العابثة الخاضعة لحالة الاسترخاء ، لتضغط عليه كي يواجه المسألة بجدّية ، فيتأمل ويفكّر ويبحث ويحاور ويحدّد قناعته في نهاية المطاف على أساس ذلك كله ، فإنّ هناك فرقا بين الموقف الذي لا تشعر بالمسؤولية في تقريره ، وبين الموقف الذي تشعر فيه بأنّ النتائج قد تسيء إلى مصيرك.