والقاعدة ، في تأكيده على العدالة في جميع المجالات من دون تفريق بين الناس ، في ما يختلفون فيه من علاقات العداوة والصداقة ، والقرب والبعد ، والغنى والفقر ، والكفر والإيمان ... وارتفع بالمبدأ إلى المستوى الذي اعتبره فيه هدفا أسمى لإرسال الرسل وإنزال الكتب ، ممّا يجعل من الشرائع كلها في وحي الله ، وسيلة من وسائل التربية الإنسانية على مبدأ العدل روحا وشعورا وفكرا وحركة حياة ، بحيث يكون المقياس في ارتفاع درجة الإيمان لدى المؤمن ، بالمقدار الذي ترتفع درجة العدل عنده ، ولم يترك المسألة مجرّد حالة أخلاقية فكرية أو شعورية ، بل عمل على التخطيط التشريعي لتحويلها إلى مفردات شرعية تحكم الواقع الإنساني على مستوى الفرد أو الجماعة ، مما يؤكد الخط على أساس الثبات من حيث المبدأ والحركة على مستوى الواقع.
* * *
الخط الأقوم وجانبا العزة والحرية
وقد نلاحظ حركة الخط الأقوم في التأكيد على جانبي العزة والحرية في حياة الإنسان أمام الكون كله من جهة ، وأمام بقية أفراد الإنسان من جهة أخرى ، وذلك من خلال إذعانه بعبوديته لله سبحانه ، ليكون انسحاقه أمام الله أساسا للانطلاق في قوّته من موقع ارتباطه بقوّة الله دون غيره ، مما يجعل منه منطلقا للقوّة أمام الآخرين الذين هم عباد أمثاله ، مهما ملكوا من القوّة والسلطة. وربما كانت قيمة هذا التوجه ، أنه يوحي للإنسان بالعمق الذي تختزنه إنسانيته على مستوى حرية الإرادة وانطلاقة الفكر ، حيث لا يعيش الشعور بالانسحاق الداخلي أمام أيّة إرادة بشرية أخرى ، ولا يواجه الحدود الضيقة للفكر الذي قد تفرضه سلطة معينة عليه ، لأنه يجد في إنسانيته الغنى