وأربعمائة سنة قبل الميلاد.
والذي يظهر من تاريخ اليهود أن المبعوث أولا لتخريب بيت المقدس هو بخت نصر وبقي خرابا سبعين سنة ، والمبعوث ثانيا هو قيصر الروم إسبيانوس سيّر إليهم وزيره طوطوز فخرّب البيت وأذلّ القوم قبل الميلاد بقرن تقريبا» (١).
ولا يستبعد صاحب الميزان ـ في تفسيره ـ «أن تكون الحادثتان هما المرادتان في الآيات» ولكنه يناقش الأمر بالقول : «إن فيها ـ (في الآيات) ـ إشعارا بأن المبعوث إلى بني إسرائيل في المرة الأولى والثانية قوم بأعيانهم ...» ثم يرفض ذلك على أساس أنه مجرد «إشعار من غير دلالة ظاهرة» (٢).
وربما كان هذا الاستبعاد الذي أشار إليه صاحب الميزان ، هو الذي دعا بعض المتأخرين إلى القول ، بأنها تحمل في داخلها الإيحاء بأن الآيات قد تتحدث عن معركة بين المسلمين واليهود في العصر الحاضر ينتصر فيها المسلمون عليهم ، ثم يعود اليهود إلى النصر ، ثم إلى الهزيمة التي تدمرهم تدميرا. وهذا هو الجو الذي يتحرك فيه الصراع الدامي بين العرب والمسلمين وبين إسرائيل.
ولكن مثل هذه الأمور لا تحمل في داخلها شاهدا على التحديد ، مما يجعل المسألة خاضعة للاستنتاج الذاتي ، لا للشواهد العلمية. وقد درجنا في هذا التفسير على عدم الاهتمام بتفصيل ما أجمله القرآن ، لأن ذلك لا يمثل مشكلة كبيرة في ما هو المهمّ من إثارة القرآن للفكرة التي يريد منها إعطاء
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ١٣ ، ص : ٤٤.
(٢) (م. ن) ، ج : ١٣ ، ص : ٤٤ ـ ٤٥.