تتحول إلى حركة حياة ، فيها من العاطفة الشيء الكثير ، ومن المسؤولية والواقعية الأثر الكبير ، فتبعد الغريزة عن واجهة اهتمام الإنسان كقاعدة للحياة ، وتغدو مجرد حاجة طبيعية إلى جانب الحاجات الطبيعية الأخرى ، وتتحرك سائر الاهتمامات في أجواء المسؤولية في حركة الواقع ، وبذلك تنعدم الحالة الخيالية ، لتفسح المجال للحالة الواقعية في التصور النفسي لنداء الغريزة. وقد جاء في نهج البلاغة عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، أنه كان جالسا بين أصحابه ، إذ مرت بهم امرأة جميلة ، فرمقها القوم بأبصارهم ، فقال عليهالسلام : إن أبصار هذه الفحول طوامح وإن ذلك سبب هبابها ، فإذا نظر أحدكم إلى المرأة تعجبه فليلامس أهله فإنما هي امرأة كامرأته (١).
وهكذا أراد الإمام اعتبار الجنس حاجة طبيعية يمارسها الإنسان في الدائرة المشروعة ، بعيدا عن التصورات الخيالية التي قد تثيره في أجواء سحريّة آتية من جنان الأحلام السعيدة.
* * *
الزواج والزنى بين السلبيات والإيجابيات
وفي ضوء ذلك ، كان الزنى انحرافا عن هذا الخط المستقيم ، الذي يحقق للإنسان حاجة غريزته داخل نظام الأسرة ، وسببا في إثارة الأجواء السلبية التي تبعث الاهتزاز في عواطف الإنسان ، وتثير القلق في أوضاعه العامة ، وتخلق له الكثير من العقد النفسية عند ما يواجه الموقف الحائر بين حاجة الغريزة إلى الإشباع وبين حاجته إلى الاستقرار ، وهو إلى جانب ذلك يثير الفوضى في الأنساب ، ويهدم الأسرة ، فتفقد التماسك العاطفي ، والفيض الروحي ، والجوّ الحميم الذي يشعر فيه أفرادها بأنهم يعيشون في وحدة روحية ، تقوم على
__________________
(١) تفسير الكشاف ، ج : ٢ ، ص : ٤٤٧.