من أنّ الغرض (١) من الوقف استيفاء منافعه ، وقد تعذّرت ، فيجوز إخراجه عن حدّه (٢) ، تحصيلا للغرض
______________________________________________________
فإن قلت : للواقف غرضان ، أحدهما : حبس شخص المال ، وثانيهما : إطلاق منفعته وتسبيلها للموقوف عليهم. وحيث إنّ بقاء العين يؤدّي إلى التلف ، دار الأمر بين رفع اليد عن خصوصية العين ، وحفظ المنفعة الخاصة ، وبين رفع اليد عن النفع الخاص وإبقاء العين الخاصة على وقفيّتها ، ولا مرجّح للأوّل على الثاني ، فلا مجوّز للبيع.
قلت : يتعيّن رفع اليد عن شخص الوقف ، لوجود المرجّح ، وهو عدم اقتصار غرض الواقف على الانتفاع بالشخص على نحو وحدة المطلوب ، بل مقصوده من الوقف الانتفاع بالشخص مهما أمكن ، وإلّا فبما هو أقرب من مماثل أو غير مماثل.
والحاصل : أن الغرض الأصلي استيفاء المنافع ، وتعذره لا يوجب إبقاء العين على حالها ، لأن تركها كذلك تفويت للغرض الأصلي من الوقف.
ونظيره ما ورد به النص في ما لو ساق الحاج القارن هديا لينحره بمنى ، فعطب في الطريق وتعذّر وصوله إليه ، فينحر في مكانه ، لينتفع به. وهذا من موارد الدوران بين إبقاء العين على حالها ليكون تضييعا للمال على مستحقيه ، وبين إسقاط الشرط وهو خصوصية المكان ، فينحر في محل العطب ، ولا ريب في رجحان الثاني على الأوّل.
(١) يعني : أن الغرض الأصلي من وقف عين هو استيفاء منافعها ، فوقف شخص العين وإن كان متعلقا للغرض أيضا ، إلّا أنه تبعي ، فيرفع اليد عنه حفظا للغرض الأصلي.
(٢) حدّ الوقف هو المنع من التصرفات الناقلة ما دام عامرا ، فإذا تعذرت المنافع جاز إبطال وقفيتها وأن يعامل معها معاملة الملك الطّلق.