لأنّه (١) لم يخرج باستحقاقه للقتل أو الاسترقاق عن ملك مولاه ،
______________________________________________________
إلى المشهور ، واستدلّ عليه بما يكشف عن اختياره أو الميل إليه» (١).
(١) أي : لأن العبد الجاني لم يخرج عن ملك مولاه ، وهذا دليل ما قوّاه من صحة بيع الجاني على وجه الجواز ، أي موقوفا على افتكاكه من القتل والاسترقاق ، وذلك لبقاء الملكية والمالية ، إذ مجرّد تعلق الجناية بالعبد لا يخرجه عنهما ، فسلطنة المالك على بيعه بلا مزاحم.
والحاصل : أنّه لا منافاة بين البيع وبين حق الجناية ، لتعلقه بالجاني بما أنه جان ، لا بما أنّه مملوك لسيده المعيّن. وليس كحق الرهانة ، فإنّه ـ على ما قيل ـ يتعلق بالمرهونة بما أنها مملوكة للراهن ، فالبيع مناف له. وبهذا يتضح الفرق بين حق الرهانة وبين حق الجناية.
فإن قلت : إنّ القول ببقاء العبد الجاني على ملك سيّده لا يكفي في الحكم بصحة بيعه معلّقا على الافتكاك ، وذلك لأن من شروط البيع قابلية الانتفاع بالمبيع ، فلو خرج عن قابليته بطل بيعه رأسا ، لا وقوعه موقوفا على إمكان الانتفاع ، كالتزامهم ببطلان بيع العبد الآبق من جهة كونه بمنزلة التالف ، وكبيع الحيوان المريض المشرف على الموت كما قيل. ولمّا كانت جناية العبد عمدا معرّضة له للقتل أو الاسترقاق ـ لاستحقاق المجني عليه أو وليّه ذلك ، وجواز المطالبة بأحد الأمرين ـ كان الجاني ملكا لا ينتفع به ، بل ساقطا عن التموّل ، هذا.
قلت : أوّلا : إنّ جواز القصاص أو الاسترقاق لا يوجب نقصا في جهة من الجهات الدخيلة في النقل والانتقال ـ من خروج المبيع عن ملك السيد ، أو سقوطه عن المالية ، أو كونه مما لا يبذل بإزائه المال ، لكون ملكيته في معرض الزوال بالقصاص ، أو لكونه متعلقا لحقّ الاسترقاق المنافي للنقل عن ملك السيد ـ وذلك :
أمّا عدم خروجه عن ملك السيد بمجرد تحويز استرقاقه ، فلأنّ معناه جواز أن
__________________
(١) مقابس الأنوار ، كتاب البيع ، ص ٩٦.