(الْأَعْرابُ) أهل البدو. (أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً) من أهل الحضر لتوحشهم وقساوتهم وعدم مخالطتهم لأهل العلم وقلة استماعهم للكتاب والسنة. (وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا) وأحق بأن لا يعلموا. (حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ) من الشرائع فرائضها وسنتها. (وَاللهُ عَلِيمٌ) بعلم حال كل أحد من أهل الوبر والمدر. (حَكِيمٌ) فيما يصيب به مسيئهم ومحسنهم عقابا وثوابا.
(وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يَتَّخِذُ) يعدّ (ما يُنْفِقُ) يصرفه في سبيل الله ويتصدق به. (مَغْرَماً) غرامة وخسرانا إذ لا يحتسبه قربة عند الله ولا يرجو عليه ثوابا وإنما ينفق رياء أو تقية. (وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ) دوائر الزمان ونوبه لينقلب الأمر عليكم فيتخلص من الإنفاق. (عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ) اعتراض بالدعاء عليهم بنحو ما يتربصون أو الإخبار عن وقوع ما يتربصون عليهم ، والدائرة في الأصل مصدر أو اسم فاعل من دار يدور وسمي به عقبة الزمان ، و (السَّوْءِ) بالفتح مصدر أضيف إليه للمبالغة كقولك رجل صدق. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو (السَّوْءِ) هنا. وفي الفتح بضم السين. (وَاللهُ سَمِيعٌ) لما يقولون عند الانفاق. (عَلِيمٌ) بما يضمرون.
(وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُباتٍ عِنْدَ اللهِ وَصَلَواتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّها قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(٩٩)
(وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُباتٍ عِنْدَ اللهِ) سبب (قُرُباتٍ) وهي ثاني مفعولي (يَتَّخِذُ) ، و (عِنْدَ اللهِ) صفتها أو ظرف ل (يَتَّخِذُ). (وَصَلَواتِ الرَّسُولِ) وسبب صلواته لأنه صلىاللهعليهوسلم كان يدعو للمتصدقين ويستغفر لهم ، ولذلك سن للمصدق عليه أن يدعو للمصدق عند أخذ صدقته لكن ليس له أن يصلي عليه كما قال صلىاللهعليهوسلم «اللهم صل على آل أبي أوفى» ، لأنه منصبه فله أن يتفضل به على غيره. (أَلا إِنَّها قُرْبَةٌ لَهُمْ) شهادة من الله بصحة معتقدهم وتصديق لرجائهم على الاستئناف مع حرف التنبيه وإن المحققة للنسبة والضمير لنفقتهم وقرأ ورش (قُرْبَةٌ) بضم الراء. (سَيُدْخِلُهُمُ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ) وعد لهم بإحاطة الرحمة عليهم والسين لتحقيقه وقوله : (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) لتقريره. وقيل الأولى في أسد وغطفان وبني تميم والثانية في عبد الله ذي البجادين وقومه.
(وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)(١٠٠)
(وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ) هم الذين صلوا إلى القبلتين أو الذين شهدوا بدرا أو الذين أسلموا قبل الهجرة. (وَالْأَنْصارِ) أهل بيعة العقبة الأولى. وكانوا سبعة وأهل بيعة العقبة الثانية وكانوا سبعين والذين آمنوا حين قدم عليهم أبو زرارة صعب بن عمير. وقرئ بالرفع عطفا على (وَالسَّابِقُونَ). (وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ) اللاحقون بالسابقين من القبيلتين ، أو من اتبعوهم بالإيمان والطاعة إلى يوم القيامة. (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ) بقبول طاعتهم وارتضاء أعمالهم. (وَرَضُوا عَنْهُ) بما نالوا من نعمه الدينية والدنيوية. (وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ) وقرأ ابن كثير «من تحتها الأنهار» كما في سائر المواضع. (خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).
(وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلى عَذابٍ عَظِيمٍ)(١٠١)